منه أفعال يستحقّ بها العقاب الدائمي ، سواء قيل : إنّ فعله تعالى لمصلحة لأجل غير هذا الشخص أو لا. وكون صدور الفعل منه بالاختيار دون الوجوب واللزوم ، لا يؤثّر في حسن الإيجاد المذكور أصلا ، ولو فرض أنّه مؤثّر لكان الاختيار مع الوجوب واللزوم أيضا مؤثّرا كما ذكرنا في الجواب الثاني من الأجوبة المذكورة من دون تفرقة قطعا.
والحاصل أنّ هذا الجواب إن كان معقولا كان معقولا على الوجهين معا وإلّا فلا.
بل نقول : لا فرق في التحقيق بين الاختيارين في أصل استحقاق الثواب والعقاب أيضا مع قطع النظر عن الشبهة المذكورة وإن كان تبادر الأوهام العاميّة إلى الفرق بينهما ، بل لا يبعد ادعاء الفرق على عكس ما يتبادر إلى الأوهام بحكم حاكم العقل الصريح.
بيانه : أنّه على هذا الرأي أنّ الاختيار غير مشوب بوجوب ولزوم أصلا لا يكون صدور الفعل من الفاعل ـ عند التأمّل والرجوع إلى الإنصاف والعدول من الخلاف والميل إلى الوفاق ـ إلّا بطريق الاتفاق فلا مزيّة للصالح على الطالح بمجرّد أنّه اتّفق منه أن فعل فعلا صالحا دونه.
وكذا لا مزيّة له في وقت فعله الفعل الحسن عليه في وقت فعله الفعل القبيح ؛ لأنّه في هذا الوقت اتّفق هذا وفي ذلك الوقت ذلك.
وظاهر أنّ محض هذا الأمر لا يوجب مزيّة ولا استحقاق ثواب وثناء للصالح لا يستوجبهما الطالح ولا هو في وقت آخر ، بل يستوجبان نقيضهما وهذا بخلاف الرأي الآخر ، لأنّه على هذا الرأي يرجع المزيّة واستحقاق الثواب والثناء وعدمهما إلى تفاوت في ذاتيهما واختلاف في حقيقتهما ، ولا شكّ أنّ مثل هذا