بسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
اعلم أنّه بعد ما ثبت أنّ الواجب تعالى شأنه يوجد الممكنات قاطبة بالقصد والإرادة وأنّه عالم في الأزل بجميعها بالعلم السابق على الإيجاد فلا يخلو :
إمّا أن يكون هذا العلم بحضور المعلومات بأنفسها عنده وهو باطل بالضرورة (على وجهين خ) أمّا أوّلا فلأنّ المفروض أنّ هذا العلم سابق على وجودها ، وأمّا ثانيا فلأنّه ينافي حدوث العالم.
وإمّا أن يكون بحصول صورها في ذات الواجب تعالى وهو أيضا باطل ، لأنّ تلك الصور أيضا من الممكنات ، فلا بدّ من علم آخر سابق على إيجادها وهو أيضا باطل ، لأنّ تلك الصور غير متناهية البتة ، فإمّا أن يكون بينهما ترتّب ، كما هو الظاهر من كلام من يقول بها ، وحينئذ يلزم التسلسل المحال على رأي الحكماء والمتكلّمين ، وإمّا أن لا يكون بينها ترتّب ، فيبطل أيضا على رأي المتكلّمين. وأيضا ينافي ما ثبت بإجماع الملّيين من حدوث العالم بأسرها ، لأنّها أيضا من أجزائه ، ويخالف أيضا ظاهر ما تقرّر عند الحكماء ، من امتناع كون الشيء قابلا وفاعلا معا.
وإمّا أن يكون بثبوت الممكنات المعدومة بأنفسها في الأزل معرّات عن الوجود ، وبطلانه أيضا أظهر من أن يخفى ، لعدم الفرق بين الوجود والثبوت ، وإنكاره سفسطة شنيعة.
وظهر أيضا ممّا ذكر بطلان كون هذا العلم بحصول صور الممكنات