بالسبب القدرة على ما لا يتناهى فظهر انّ هذه شبهة يتمسّك بها في نفي التكليف أن نفي اختيار العبد لا في نفي وجوب السبب وكلما أجيب به عنها هناك فهو كاف فيما نحن فيه. لكنّا نقول هنا لا يلزم الاتيان بما لا يتناهى لانتهائه إلى الإرادة ، وكيف يتحقّق ما لا يتناهى بين حاصرين وهما الارادة ووجود الفعل ، وما ذكره ثانيا فمناقشته في العبارة بعد ظهور المراد فإنّ القائل بوجوب الأسباب يجعل القول بكونهما من باب ما لا يتم الواجب إلّا به قولا ظاهريا مبيّنا عنده على ما يتعارفه الجمهور من وصف المسببات بالوجوب.
والتحقيق عنده ، أنّ الموصوف بالوجوب ليس إلّا نفس السبب ، وهذا كما أنّ الخطاب بحسب الظاهر مصروف إليه ، وهو في الحقيقة مصروف إلى السبب.
ثمّ له أن يقول : إنّ للعبد فعلين على رأي أكثر المعتزلة مباشريا وتوليديا.
والأوّل مقدمة الثاني.
وقولنا : إنّ الخطاب في الحقيقة مصروف إلى الأولى فيه نوع تساهل. والغرض باعتبار كون متعلقه مقدورا ، إنّما يتعلق بالذات بالأوّل ، وتعلق القدرة بالثاني غير تعلقها بالأوّل. والسبب والمسبب أمران يتعلق بهما الخطاب في الجملة ، ويوصفان بالوجوب ، فليتأمّل.
احتج ابن الحاجب على نفي وجوب ما عدا الشرط الشرعي بما مرّ ، وعلى وجوبه بأنه لو لم يجب لم يكن شرطا ، والتالي ظاهر البطلان ، فالمقدم مثله.
وبيان الملازمة : أنه على تقدير عدم وجوبه يكون الفعل صحيحا ، لأن المكلف حينئذ يكون آتيا بجميع ما أمر به.