فإن لم يمكن لم يكن الممكن ممكنا هذا خلف.
وإن أمكن فإمّا أن يكون بلا سبب أو لا ؛ والأوّل محال لاستحالة وقوع المرجوح بلا سبب ، وعلى الثاني يلزم أن يكون لعدم ذلك السبب دخل في وقوع الوجود فلم يكن الذات ولا الرجحان الناشئ منه كافيين في الوقوع ، هذا خلف.
لا يقال : لعلّ الذات يقتضي عدم ذلك السبب أيضا ، لأنّه إذا اقتضى الذات عدم السبب يكون عدم السبب واجبا بالنظر إليه ، فيكون ممتنعا بالنظر إليه فلا يكون ممكنا ، إذ امتناع العدم بالنظر إلى الذات مخرج عن الإمكان سواء كان بواسطة أو بلا واسطة وهو ظاهر.
وأمّا إنّ الذات لعلّه يقتضي عدم ذلك السبب على سبيل الرجحان دون الوجوب فيكون كافيا في وقوعه فيظهر حاله في أثناء إبطال الشقّ الآخر.
فإن قلت : لعلّ سبب العدم عدم الرجحان فيكون الوجود حينئذ موقوفا على عدم عدم الرجحان ، أي وجوده ، وهو كذلك فلا يلزم خلاف الفرض.
قلت : المفروض أنّ العدم ممكن في الواقع فلا بدّ أن يكون سببه أيضا ممكنا فيه ، وعدم الرجحان محال بناء على ما هو المفروض من كونه من مقتضيات الذات على سبيل الوجوب.
فإن قلت : لا نسلّم أنّه لا بدّ أن يكون لعدم سبب العدم دخل في الوجود ، بل هو من جملة المقارنات ، ألا ترى أنّ الوجود إذا كان علّة للوجود يكون سبب العدم عدم الوجود ولا يكون لعدم العدم الذي هو معنى غير الوجود دخل في علّة الوجود.