فهذا الكلام منهم لا بدّ أن يؤوّل إلى ما يفهم من كلام هذا القائل من أنّ كون الوسط سوادا بالنسبة إلى أحد الطرفين بياضا بالنسبة إلى الآخر ، معناه أنّه أقرب من الطرف الحقيقي للسواد من الطرف الآخر الذي هو الطرف الحقيقي للبياض ، وأقرب من الطرف الحقيقي للبياض من الطرف الحقيقي للسواد ، أو أنّ آثار الطرف فيه أكثر أو نحوه ؛ وأنت خبير بأنّ هذا المعنى ليس معنى السواد والبياض وهو ظاهر بل معنى إضافي اعتباري ونحوه وليكن ذلك على ذكر منك.
قوله [ص ١٩٦] : لا كون حقيقة السواد والبياض ذاتيا للأوساط.
إن أراد أنهم لم يريدوا أنّ حقيقة البياض والسواد معا ذاتيين للأوساط فهو صحيح لكن لا يلائمه ما بعده كما ستطلع عليه ، مع ما فيه من أنّ التخصيص بالذاتية أيضا لا وجه له ، إذ السواد والبياض معا لا يمكن أن يكونا عرضيين أيضا للأوساط كما بيّنا.
وإن أراد أنّهم لم يريدوا كون حقيقة شيء منهما ذاتية للأوساط كما ينادي إليه كلامه فيما بعد ، ففساده ظاهر إذ لا ارتباط له حينئذ بما سبقه كما لا يخفى.
قوله [ص ١٩٦] : لو كان السواد جنسا. الخ.
فيه أنّ هذه الملازمة التي إدّعاها إن كان باعتبار ما ذكروه أنّ البياض والسواد يصدقان على الأوساط فقد عرفت أنّه مؤوّل ، وإلّا فظاهره ظاهر الفساد.
وقد أوّله هذا القائل أيضا وبعد تأويله بما ذكر أو نحوه لا يبقى لبناء هذه الملازمة عليه وجه صحّة وهو ظاهر.
وإن كان باعتبار آخر فينبغي أن يذكر حتّى ننظر فيه.