حينئذ يكون على أجزاء السواد الشديد لا عليه نفسه ، فلا يتكرر صدق السواد عليه حتّى يكون أولى ، فممّا ليس بشيء ، إذ يجوز أن يكون كون فرد السواد بحيث يتكرر صدق السواد على أجزائه سببا لكون صدقه عليه أولى من صدقه على ما ليس كذلك ، وإن لم يكن يتكرر الصدق على نفس الفرد وهو ظاهر.
وقس عليهما نظائرهما ممّا يمكن أن يذكر في هذا الباب من الاعتبارات الوهميّة.
وأمّا الأولوية الناشئة من غير الأشدّية والأزيدية ، بل من كون الآثار المطلوبة من الذاتي في فرد أكثر وأظهر منها في فرد آخر ونحوه ، فالظاهر أيضا جوازها ووقوعها ، إذ الفرد الواحد باعتبار كثرة آثاره المطلوبة من ذاتيه ، كأنّه أفراد كثيرة من هذا الذاتي فيكون صدقه عليه أولى إلى غير ذلك من الاعتبارات اللائقة المناسبة لأولوية الصدق. والعرف أيضا يشهد بذلك ، ألا يرى أنّ أحدا إذا كان الآثار المطلوبة من الإنسان فيه أكثر منها في غيره يقولون بالعجمية مثلا «فلان آدم تر است از فلان» ، وقس عليه ما سواه.
وبالجملة : الأمر غير مشتبه على من خلع عن رقبته ربقة التقليد والتعصب مع عدم البلادة والاعوجاج وترك المراء واللجاج.
قوله [ص ١٢٦] : وأنّ كلّ واحد من الأوساط. الخ.
لا يخفى أنّ السواد والبياض ، أي هاتين الكيفيتين المحسوستين سواء قلنا إنهما ذاتيان لأفرادهما أو عرضيان ، لا معنى لأن يصدقا معا على الأوساط ، إذ لا يشك من يعرف السواد من البياض أنّ السواد الشديد في غاية الشدّة الذي ينقص عن الطرف الحقيقي بقدر رأس إبرة مثلا لا يصح أن يطلق عليه البياض ، وكذا نحوه.