وبيّن أيضا أنّ هذا المعنى ممّا يصير سببا لأولوية صدق الذاتي عليهما ، إذ لا شكّ أنّه إذا كان أشدّية فرد السواد القائم بجسم سببا لأولويّة صدق الأسود عليه ، فكونها سببا لأولويّة صدق السواد على هذا الفرد أولى.
وما يتمحّلون في دفعه ـ من أنّ اتحاد الذاتي مع الذات بالذات واتحاد العرضي بالعرض ، والاتحاد الذاتي ممّا لا مناط له سوى الذات ، والاتحاد العرضي منوط بقيام فرد من مبدأ اشتقاقه مثلا ، فحينئذ يجوز أن يختلف صدق العرضي باعتبار اختلاف أفراد مبدأ اشتقاقه القائم بأفراده التي يكون قيامها بها مناطا لصدقه عليها ، ولا يجوز أن يختلف صدق الذاتي إذ لا مناط له إلّا الذات حتّى يختلف الصدق باختلافه ، بل يكفي فيه الذات. واتحادها الذاتي معه ـ فممّا لا يستحق أن يصغى إليه ، إذ نقول : لا شكّ أنّ صدق الذاتي على الذات باعتبار أنّ الجنس مثلا يتحصّل بالفصل ويصير النوع وحينئذ يصحّ أنّ يقال : إنّ النوع جنس. وعند هذا نقول : إنّ ما ذكروه من أنّ صدق الذاتي على الذات يكفي فيه كون هذا الذات متّحدا بالذات معه إن أرادوا به أنّ هذا المعنى كاف في أصل الصدق فلا نزاع فيه ، لكن هذا ممّا لا يكفي في المرام إذ أصل صدق العرضي أيضا يكفي فيه قيام أيّ فرد كان من مبدأ اشتقاقه.
إنّما الكلام في أنّه يجوز أن يكون بعض الاتحادات الذاتيّة مناطا لأولوية صدق الذاتي. مثلا التحصّل الذي يحصل من الفصل الذي يصير به الجنس شديدا يجوز أن يكون سببا لأولويّة صدق الجنس ، إذ قد عرفت أنّ حمله باعتبار تحصّله نوعا بسبب الفصل ، فإذا حصل له بسبب فصل تحصّل أشد ، بمعنى أنّ الوهم يتوهّم أنّ له في هذا النوع تحصّلا فوق الواحد ، فحينئذ يجوز أن يكون هذا المعنى سببا لأولويّة صدقه على هذا النوع باعتبار أنّ تحصّله فيه أشدّ كما أنّ