احتجّ للقول الأوّل بوجوه :
أحدها : ما ذكره أبو الحسين البصري ونقّحه الإمام الرازي وتبعه شيخنا العلامة في النهاية والتهذيب وهو انّه لو لم يجب المقدّمة لزم أحد الأمرين. إما التكليف بالمحال أو خروج المطلق عن كونه واجبا مطلقا. والتالي بقسميه باطل ، أمّا الأوّل فظاهر وأمّا الثاني فلانّه خلاف الفرض. ووجه الشرطية أنّه على تقدير عدم وجوب المقدّمة يجوز تركها فمعه إما أن يبقى الواجب واجبا أم لا ومن الأول يلزم الأوّل ومن الثاني يلزم الثاني.
وبتقرير آخر للأمر اقتضاء وجوب الفعل مطلقا أي في جميع الأحوال ومن جملتها حال عدم المقدّمة فيكون مأمورا به حال عدمها وهو تكليف بالمحال.
وتقرير ثالث لو كانت المقدّمة غير واجبة لكان الآمر كأنّه قال أبحت لك ترك المقدّمة وأوجبت عليك الفعل حال تركها وهو عين التكليف بالمحال. ومرجع الجميع واحد وهو دعوى استلزام وجوب الفعل حال عدم وجوب المقدّمة بوجوبه حال عدمها ، على أنّ حال عدمها ظرف للفعل ، وهو الظاهر الضعف.
إذ وصفها بالوجوب وعدمه ، لا دخل له في وجودها (١) وعدمه ، ضرورة إمكان وجودها وعدمه ، مع وجوبها وعدمه. والمحال هو وجوب الفعل حال عدمها على أنّ حال العدم ظرف الفعل ، كما ذكرنا ، لا حال عدم وجوبها.
والظاهر أنّ عدم وجوبها لا يستلزم عدم وجودها ، وليس المحال مجرد التكليف بالفعل حال عدمها. على أنّ حال العدم قيد التكليف والوجوب ، وظرف
__________________
(١) في بعض النسخ : في وجودها والمحال وعدمه.