وما ظنّ من أن امتياز المادّة عن الجنس باعتبار المعنى العدمي محل تأمّل ، فانّ المادّة مثل الجسم مثلا انّما هو الجسم إذا أخذ من حيث الصرافة والمحوضة وخروج جميع المعاني غير قابلية الابعاد عنه ، وهذا ليس بمعنى عدمي.
وقوله : ولا يبعد أن يقال صدق الحيوان. (١)
فيه نظر ، فإنّ الأولويّة بمعنى الأحقّية ممنوعة.
قوله : فمعناه أنّه لا يعلّل بالذات. (٢)
أنت خبير بأنّ هذا التأويل في الكلام الذي نقلناه عن الشيخ غير مستقيم ، بل يظهر من كلامه أنّ ثبوت الذاتي مستند إلى الذات ، ولعلّ مرادهم أنّ الذاتي غير معلّل بحسب الحقيقة بأمر غير مستند إلى الذات ، فثبوت الجسميّة للانسان مستند إلى ثبوت الحيوانيّة له ، وثبوت الحيوانيّة له مستند إلى ذاته.
قوله : وفي العبارة الثانية عبارة عن العالي. (٣)
إنّما فسّره في العبارة الثانية بالعالي لأنّ حمله على السافل لا يستقيم إلّا بتعسّف ، فإنّه إذا قيل : زيد ما لم يصر حيوانا لم يصر انسانا فإن اريد بالحيوان الجنس لم يصحّ لأنّ حمل الحيوان على زيد ليس بمتقدّم على حمل الانسان عليه ، بل الأمر بالعكس ، وإن اريد به المادّة لم يصحّ إن اريد من الصيرورة الحمل ، وكذا إن اريد الصيرورة بحسب التركيب أو التحليل إلّا بتعسّف.
قوله : ويكون مفادها أنّ تحصيل الجسم حيوانا علّة لتحصيله انسانا. (٤)
الجسم والحيوان هاهنا بمعنى المادّة لا الجنس فلم تكن هذه المقدّمة داخلة فيما جعله حاصل الجواب إلّا باعتبار لازمه ، وفيه تكلّف.
__________________
(١ و ٢ و ٣ و ٤) ليست هذه العبارات موجودة في الحاشية القديمة.