وبالجملة : فلا شيء جعل زيدا الذي هو ابن عمرو انسانا فإنّه لماهيّته انسان فإنّه مستحيل أن لا يكون زيد انسانا ، ولذلك لا علّة له في أنّه إنسان لا أبوه ولا غيره وليس بمستحيل أن لا يكون موجودا ، فلذلك له علّة في أنّه موجود.
وكذلك البياض ليس إلّا لذاته هو لون ، ولكنّه ليس لذاته موجودا ، ومن حقّ الجنس أن يقال على أنواعه بالسوية ، فيشترك في المعنى المفهوم عنه ، وأمّا إن اختلفت بالتقدّم والتأخّر في مفهوم آخر غيره فليس ذلك بممتنع ولا مانع من ان تتشابه الشركة في مفهوم الجنس فيكون الجنس جنسا ولذلك لا يجب أن يباين الأب والابن في مقولة الجوهر أو نوع الانسان لأنّ الأب أقدم منه بالعلّية أو الزمان ، وليست انسانيّته أقدم من انسانيّته في أنّها انسانيّته ولا علّة لها.
وكذلك الحال في نسبة الهيولى والصورة إلى الجسم فإنّ الهيولى والصورة ليستا سببين لكون الجسم جوهرا فإنّ الجسم لذاته لا لعلّة من العلل ولا لسبب من الأسباب هو جوهر ومقول عليه معنى الجوهر ، لكنّه في وجوده يحتاج إلى أسباب في وجوده ولا جوهريّة شيء في أنّها جوهريّته تكون علّة لجوهريّة شيء حتى يصير الجسم لجوهريّة المادّة والصورة جوهرا لست أقول جوهرا موجودا. ولا الثلاثية أيضا في أنّها عدد تكون علّة كون الرباعيّة عددا لست أقول كونها عددا موجودا بل كلّ واحد من المثالين علّة لما بعده في الوجود فقد يكون وجود شيء علّة لوجود شيء آخر وإن لم يكن الماهيّة له أوّلا ، وبسببه (ونسبته خ) للآخر ثانيا ، فتكون تلك ماهيّة انسانيّة لأنّ هذه ماهيّة انسانيّة كما أنّ ما (١) يصحّ أن يكون العرض موجودا لأنّ الجوهر موجود ولذلك ما يمنع أن يكون الوجود جنسا ، إذ كان معناه يوجد للجوهر وبتوسطه للعرض ، ولذلك
__________________
(١) في المصدر : كما يصحّ أن يكون ...