وصرّح بعضهم بجريان الخلاف فيه ، ويمكن بناء دخوله في النزاع على تحرير محله.
وبيان ذلك : أنّ الظاهر من كلام الأكثر أنه لا خلاف في بقاء الواجب المطلق على إطلاقه ، وعدم تقييد وجوبه بتلك المقدمة ، ولا في وجوب المقدمة بمعنى لا بدّية فعلها.
إنّما الكلام في أنّها هل توصف بالوجوب الشرعي ، بمعنى تعلق الخطاب بها تبعا لتعلقه بمشروطها ، كتعلق الخطاب بالتابع في دلالة الإشارة والإيماء ، حتى يكون الخطاب بالكون على السطح مثلا ، خطابا بأمرين : أحدهما الكون ، والآخر سببه ، أو شرطه ، وحتى يكون تارك ذلك عاصيا بترك واجبين ، أم لا توصف بالوجوب الشرعي ، وإن كان لا بدّ منها عقلا في تحصيل الواجب ، والخطاب ليس إلّا بنفس الموقوف ، ولا يتعلق بالمقدمة خطاب أصلا ، لا أصلا ولا تبعا. فلا يعصي تارك الكون على السطح إلّا من جهة تركه فقط ، دون جهة ترك نصب السلّم مثلا.
وعلى هذا يمكن إدخال السبب في الخلاف ، بأن يجعل تعلق الخطاب بالمسبب تعلقا به تبعا ، أو لا يجعل.
ويظهر من كلام السيد المرتضى (رضي الله عنه) أنّ الخلاف في أصل اللابدّية وفي بقاء الواجب المطلق على إطلاقه ، وربما كان كلامه في الشافي (١) صريحا في ذلك ، حيث أجاب عن استدلال المعتزلة على وجوب نصب الإمام ، بكونه مقدمة لإقامته الحدود ، بمنع وجوب الشرط الواجب.
__________________
(١) الشافي في الإمامة للسيد المرتضى وتلخيصه للشيخ الطوسي وكلاهما مطبوعان.