نعم لو قيل : إنّ عدم المانع مطلقا ليس موقوفا عليه ، بل هو من مقارنات العلة التامة كما ذهب إليه بعض لم يكن بعيدا لكن هذا بحث لا اختصاص له بالمجيب وبمقامنا هذا ، ولا يخفى أنّه على هذا القول الجواب عن الشبهة في غاية الظهور.
واعلم أنّه قد أورد على المجيب المذكور إيراد آخر ، وهو أنّ ما ذكره لا يدفع الشبهة أصلا ، بل إنّما زاد بدلا آخر لفعل الأضداد وهو انتفاء بعض الشرائط وهذا لا ينافي وجوبه التخييري كما هو مراد المستدل.
وجوابه : أنه ليس كذلك ، بل مراده أن عدم الزنا قد يترتب على عدم الشوق مثلا بناء على كونه شرطه ، فإذا فرض عدم الشوق في وقت مثلا بناء على عدم علته فحينئذ عدم الزنا يترتب عليه ولا يتوقف على شيء آخر غيره ، ففي هذا الوقت إذا أتى المكلف بفعل ضد الزنا مثلا كان مباحا لأنّه ليس يتوقف عليه عدم الزنا فلا إيراد أصلا.
فإن قلت : عدم الزنا إنّما يترتب على عدم علته التامة وذلك العدم كما يحصل في ضمن عدم الشرط الذي هو جزؤها كذلك يحصل في ضمن عدم عدم المانع الذي هو أيضا جزؤها ، وهو عبارة عن وجود المانع ففي وقت تحققهما جميعا يكون عدم الزنا مرتبا عليهما فيكون وجود المانع أيضا ممّا يحصل به الواجب فيكون واجبا.
قلت : قد تقرر أنّ عدم بعض أجزاء المركب إذا كان مقدما بالذّات على عدم البعض الآخر فعدم المركب إنّما يستند إليه فقط ، وإن كانا معا في الزمان وحينئذ يجوز أن يكون عدم الشّوق متقدما بالذات على عدم عدم المانع فيستند إليه عدم الزنا لا إلى عدم عدم المانع فتدبّر.