أنّ الأمر الوارد بوجوب الفعل ليس له تعلق بمقدمته.
وهذا أيضا قريب من الوجه السّابق والجواب ما مر أيضا.
قال الفاضل المذكور في رسالته بعد إيراد هذه الحجة :
«والجواب عنه على اصولنا : إنّ الأمر بالشيء يستلزم الارادة الحتميّة المتعلّقة به والارادة الحتميّة المتعلقة بالشيء يستلزم الارادة الحتميّة المتعلقة بمقدماته ، وليس الواجب عندنا إلّا متعلق الارادة المذكورة سواء كان مدلولا عليها باللّفظ أم لا ، وسواء كان دلالة اللّفظ عليها مطابقيّة أو التزاميّة ، مقصودة بالدلالة أم لا.
إذا عرفت هذا ظهر عليك اندفاع الاحتجاج ، وأمّا على اصول الأشاعرة فقد يقال : لا نسلم أنّ الواجب ما تعلّق به الخطاب إذ قد يكون الشيء واجبا ولا يكون هناك ايجاب متعلّق بنفسه ، وفيه ما فيه.
وقد يقال : إن أراد بكون الواجب متعلّق الخطاب كونه متعلّقه أصالة ، منعناه. وإن أراد أعم من ذلك سلمناه لكن المقدمة أيضا كذلك فإنّا ندّعي تعلق الخطاب بها تبعا وهذا أقرب.
لا يقال : قد يطلب الشيء ويذهل عن المقدمة اجمالا وتفصيلا فلا يتعلق بها الخطاب أصلا إذ التعلق بالشيء يستلزم الشعور به.
لأنّا نقول : لو سلّم ذلك فنقول : نحن ندّعي أنّ الدال على إيجاب الشيء يدلّ على إيجاب مقدمته التزاما ولا يلزم في الدلالة الالتزاميّة اللزوم العقلي بحيث يستحيل انفكاكه عقلا ، بل يكفي اللزوم العادي والعرفي ، وانتفاؤه هاهنا