وهو تكلف في تكلف ، يرد عليه انّه حينئذ يلزم أن يتوقف تعلّق الطلب والوجوب بالمقدّمة على التصديق به وهو مستلزم للدور على ما ذكروه في مثل هذا المقام لكنه خلاف التحقيق ، بل التحقيق أنّ حصول التصديق بوجود شيء يتوقف على وجود التصديق به غير ممكن إذا كان العلم بالتوقف حاصلا لا لاستلزام الدور ، بل لوجه آخر ليس هاهنا موضع ذكره لا مطلقا ، وحينئذ يجب أن يزاد في التكلّف والتقييد ويقيد بحالة عدم العلم بالتوقف وهو كما ترى إلّا أن يقال : الطّلب إنّما يتحقق في هذه الصورة فقط لكن لا يتوقف على التصديق ، بل اللزوم هاهنا بوجه آخر ، ويشكل حينئذ الظفر بشيء آخر غير التصديق المذكور يكون متحققا في الحكيم المذكور دون غيره ليكون موقوفا عليه لتعلق الطّلب والوجوب بالمقدّمة.
ولعلّه يقال : طلب ذي المقدمة بدون المقدمة قبيح لأنّه تكليف بما لا يطاق ، فالطالب لذي المقدمة إذا كان حكيما وشاعرا يكون المقدّمة مقدّمة يطلبها أيضا البتة ، وأمّا إذا لم يكن كذلك فلا ، وهو أيضا كما ترى حيث أبطلنا كونه تكليفا بما لا يطاق.
وأيضا رب حكيم شاعر لا يكون عالما به كما ذكرنا فلا بد من تخصيص آخر وأيضا الوجدان شاهد بأنّه لا يتفاوت حال النفس حال طلب أمر ذي المقدمة سواء كانت معتقدة ومذعنة بأنّ مقدمة الواجب واجبة أو لا ، وليس أن يكون يوجد فيها على التقدير الأوّل طلبان وعلى الثاني طلب واحد ، هذا وإن كان وجهه توهم أنّ الطلب لا بدّ فيه من الشعور بالمطلوب فمع أنّه باطل وأنّه في الطلب الصّريح كما عرفت وأنّه حينئذ يصير التقييد بالحكمة لغوا ، بل يكفي الشعور فقط ، يتجه عليه أنّ توهّم لزوم الشعور في الطلب ليس بأولى من توهم