وأيضا نقول :
قد ثبت أنّ الذم واحد ولا شك أنّ العقل يحكم بصحة الذم والعقاب على ترك ذي المقدمة
حال ترك المقدمة ، وما استدلوا به على عدم صحته فقد عرفت بطلان بعضه وسيجيء بطلان
بعض آخر إن شاء الله ، وإذا كان الذم عليه صحيحا وكان هو المقصود بالذات من الطلب
فلا معنى لكون الذم الواحد الحاصل حال الترك على ترك المقدمة التي هي المقصودة
بالعرض دون ترك ما هو المقصود بالذات ، وأمّا كون الذم على ترك ما هو مقصود بالذات
دون ما هو مقصود بالعرض وإن كان كل منهما مقصودا وواجبا ، فلا فساد فيه وهو ظاهر
واضح موافق لحكم العرف والعادة.
ويؤيّد أيضا
صحة الذم على ترك ذي المقدمة حال ترك المقدمة ، بل وقوعه عليه ظاهر قوله تعالى : (فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ عَنِ
الْمُجْرِمِينَ ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) الآية .
فإن
قلت : قد لا يكون
ذو المقدمة أيضا مقصودا أصليّا ، بل يكون الغرض منه شيئا آخر مثلا في الأمر بالسعي
والطبخ ليس المقصد الأصلي السقي والطبخ ، بل شيئا آخر.
قلت : المراد أنّه المقصود الأصلي من فعل المكلّف وبالنسبة
إلى المقدمة ويمكن أيضا أن يقال إنّه لما ثبت أنّ الواجب مع مقدماته مطلوب فيكون
المطلوب المجموع وهو الذي يحصل به غرض المكلّف لا أجزاءه ، فالذم والعقاب الحاصل
حال الترك إنّما هو على ترك المجموع لا على ترك الأجزاء فعند ترك المقدمة إنّما
يستحق الذم باعتبار ترك المجموع لا باعتبار ترك المقدمة
__________________