لأنّ استحالته ممنوعة فيما إذا كان تعلّق الإرادة تبعا من دون الشعور ، بل
إنّما يستحيل مع الشعور ولذلك إذا شعر بكونها مقدمة في الفرض المذكور يقبح طلب ذي
المقدمة كما إذا طلب شيء من دون الشعور بانّه مستلزم لمفسدة فإذا شعر به بقبح
الطلب. فتدبّر.
وأمّا المقام
الثاني فعدم وجوب المقدمة بمعنى كونها متعلقة الخطاب أصالة وكونها متعلّقة القصد
والإرادة بالذات ظاهر لا حاجة إلى التعرض له.
وأمّا عدم
وجوبها بمعنى ترتب استحقاق ذمين أو عقابين على تركها مع الواجب فلأن الذم والعقاب
على الشيء إمّا باعتبار قبحه في نفسه مع قطع النّظر عن كونه عصيانا لأحد ، أو
باعتبار كونه عصيانا لأحد ، أو باعتبارهما معا.
وعلى التقادير
لا يلزم فيما نحن فيه استحقاق ذمين على ترك الواجب مع المقدمة.
أمّا على
الأوّل : فلأنّ العقل يحكم بجواز أن يكون ترك شيء قبيحا في نفسه ولا يكون ترك
مقدمته قبيحا في نفسه مع قطع النظر عن استلزامه لترك ذلك الشيء ، فالقول بقبحه
البتة إنّما يكون بسبب ذلك الاستلزام ، ولا شكّ أنّ العاقل لا يذمّ بسبب حدوث قبيح
واحد ذمين متغايرين وهو ظاهر بالضرورة الوجدانية.
وأمّا على
الثاني : فلأنّ العرف والعادة يقضيان بالظاهر بأنّه إذا أمر بشيء ذي مقدمة فإنّ في
الإتيان بذلك الشيء امتثالا واحدا ، وفي تركه سواء كان مع ترك المقدمة أولا عصيانا
ومخالفة واحدة فيكون القبح والذم أيضا من هذه الجهة واحدا. وبما ذكرنا ظهر حال
الاحتمال الثالث.
وإن شئت أن
تطمئن نفسك بما ذكرنا فانظر هل يقول الذامون لمن ترك