وليس النزاع فيه قطعا كما لا يخفى ، وكأنه خلط بين المعنيين فخبط.
هذه هي الأدلّة المذكورة فيما بينهم وقد عرفت حالها ، لكن ما يقتضيه العقل ويحكم به التأمّل أنّ المقدّمة واجبة على بعض المعاني المذكورة سابقا غير واجبة على بعضها.
أمّا المعنى الذي وجوب المقدّمة ثابت عليه فهو كونها لازمة ومتعلّقة للخطاب الإيجابي تبعا وكونها مطلوبة ومرادة حتما بالتّبع.
وأمّا الذي يثبت وجوب المقدّمة عليه فما سوى المذكور من كونها متعلّق الخطاب أصالة أو كونها مطلوبة ومرادة بالذات أو كون تركها مع الواجب سببا لاستحقاق عقابين ، أو كون تركهما سببا لاستحقاق عقاب واحد لكن إنّما يكون ذلك مترتبا على ترك المقدّمة لا على ترك الواجب أو اشتمال تركها على مفسدة.
أمّا المقام الأوّل فلقضاء الظاهر والوجدان بأنّ الخطاب المتعلّق بإيجاد شيء وكذا طلب شيء وإرادته الحتمية ، يتعلّق بالتّبع بما يتوقف عليه ذلك الشيء البتة حتى لو قال الآمر : أطلب منك الشيء الفلاني ولا أطلب منك مقدماته أو ما اريدها أو ما ألزمها أو ما تعلق خطابي بها تبعا ، لكان ذلك تناقضا وكان بمنزلة أن يقول. أطلب منك الفعل ولا أطلب.
قال العلّامة الدّواني في «شرح العقائد العضدية» ردا على المحقق الشريف حيث سلم وجوب المقدمة في السّبب المستلزم دون غيره.
قلت : لا فرق بين السبب المستلزم وغيره فإن إيجاب الشيء يستلزم إيجاب ما يتوقف عليه الشيء بديهة.
وينظر إلى دعوى البداهة أيضا كلام المحقق الطوسي قدسسره القدوسي