فإن قلت : يكفي في إتمام هذا الدليل استحقاق الأجر على فعل المقدّمات في التكليف الذي يعود الغرض إلى المكلّف ، إذ عند ثبوت الوجوب فيه يمكن إثباته في تكاليف الله تعالى أيضا بناء على عدم وجدان التفرقة وعدم القول بالفصل.
قلت : الإلزام الذي يصحّ شرعا عمّا سوى الله مثل إلزام السيّد والوالد ونحوهما ، فهو أيضا راجع إلى إلزام الله تعالى حيث حكم بوجوب امتثال أمرهما فلا بدّ من أن يكون فيه نفع وحسن عائد إلى المكلّف ، ولا يلزم أن يستحق بازاء مقدّمات الامتثال أيضا ثوابا وعوضا كما عرفت وفي هذه الصّورة لا يجب الأجر على الآمر أصلا لا على الفعل ولا على مقدّماته وهو ظاهر.
وأمّا ما سوى ذلك من الإلزامات التي تصدر ظلما وعدوانا أو ما لا يكون من قبيل الإلزام ، بل من قبيل الالتماس أو الاستيجار ونحوه فبعض منها أيضا يرجع إلى الأوّل ممّا يكون الإتيان به بقصد القربة وامتثال أمر الله تعالى الاستحبابي ، وبعض منها ممّا يستحق فيه بحسب الشرع الاجرة على الفعل وهو خارج عمّا نحن فيه لأنّ الكلام في كون المقدمة حسنة مستحقة للمدح عليها بسبب حسن ذي المقدمة ، ولا يمكن المقايسة بين الصورتين أصلا سلمنا امكان المقايسة لكن استحقاق الأجر على فعل المقدمات في هذه التكاليف أيضا ممنوع.
نعم العقل يحكم بأن الفعل الذي يتوقف على مقدمات كثيرة شاقة يستحق به الأجر أكثر من الفعل الذي ليس بهذه المثابة ، وأمّا أنّ الأجر بازاء المقدمات فلا.
وفيه تأمّل ، سلمنا لكن لا نسلم استلزام الوجوب والمقدمة التي ذكر أنّها