(مثال ثان) قال النيسابورى أيضا بعد تفسير قوله تعالى : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) ما نصه : «التأويل» مساجد الله التى يذكر فيها اسمه عند أهل النظر ، النفس ، والقلب ، والروح ، والسر ، والخفى وهو سر السر. وذكر كل مسجد منها مناسب لذلك المسجد. فذكر مسجد النفس الطاعات والعبادات ، ومنع الذكر فيه بترك الحسنات وملازمة السيئات. وذكر مسجد القلب التوحيد والمعرفة ، ومنع الذكر فيه بالتمسك بالشبهات ، والتعلق بالشهوات ، فإن القلوب المعلقة بالشهوات عقولها عنى محجوبة. وذكر مسجد الروح بالشوق والمحبة ، ومنع الذكر فيه بالحظوظ والمسكنات. وذكر مسجد السر المراقبة والشهود ، ومنع الذكر فيه بالركون إلى الكرامات. وذكر مسجد الخفى وهو سر السر ، بذل الوجود ، وترك الموجود. ومنع الذكر فيه بالالتفات إلى المشاهدات والمكاشفات» الخ ما قال.
(٢) وأما تفسير الألوسي فاسمه روح المعانى. ومؤلفه العلامة المحقق شهاب الدين السيد محمد الألوسي البغدادى مفتى بغداد المتوفى سنة ١٢٧٠ سبعين ومائتين وألف.
وهذا التفسير من أجل التفاسير وأوسعها وأجمعها. نظم فيه روايات السلف بجانب آراء الخلف المقبولة. وألف فيه بين ما يفهم بطريق العبارة وما يفهم بطريق الإشارة. رحمهالله وتجاوز عنه.
ومما قاله في التفسير الإشارى بعد أن فسّر قوله تعالى : (وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً ، فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) إلى آخر الآيات بعدها. قال ما نصه :
ومن مقام الإشارة في الآيات. وإذا قلتم يا موسى القلب ، لن نؤمن الإيمان الحقيقى حتى نصل إلى مقام المشاهدة والعيان. فأخذتكم صاعقة الموت الذى هو الفناء في التجلى الذاتى. وأنتم تراقبون أو تشاهدون. ثم بعثناكم بالحياة الحقيقية. والبقاء بعد الفناء ،