أنه مراد الله تعالى. فهذا القسم لا يلتبس تأويله ، إذ كل أحد يدرك معنى التوحيد من قوله تعالى : (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ) أنه لا شريك له في الألوهية ، وإن لم يعلم أن «لا» موضوعة في اللغة للنفى «وإلا» موضوعة للإثبات ، وأن مقتضى هذه الكلمة الحصر ، ويعلم كل أحد بالضرورة أن مقتضى (أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) ونحوه ، طلب إيجاب المأمور به ، وإن لم يعلم أن صيغة افعل للوجوب.
وأما ما لا يعلمه إلا الله تعالى ، فهو ما يجرى مجرى الغيوب ، كالآيات التى تذكر فيها الساعة. والروح ، والحروف المقطعة. وكل متشابه في القرآن عند أهل الحق ، فلا مساغ للاجتهاد في تفسيره. ولا طريق إلى ذلك إلا بالتوقيف ، بنص من القرآن أو الحديث أو إجماع الأمة على تأويله.
وأما ما يعلمه العلماء ويرجع إلى اجتهادهم ، فهو الذى يغلب عليه إطلاق التأويل.
وذلك استنباط الأحكام ، وبيان المجمل ، وتخصيص العموم. وكل لفظ احتمل معنيين فصاعدا فهو الذى لا يجوز لغير العلماء الاجتهاد فيه اعتمادا على الدلائل والشواهد دون مجرد الرأى» ا ه المقصود منه. لكنه لم يلتزم فيه ترتيب الأقسام على ما روى عن ابن عباس ولا ضير في ذلك ما دام أنه قد استوعب عدّتها الأربعة كما رأيت.
وقسم بعضهم التفسير باعتبار آخر إلى ثلاثة أقسام : «تفسير بالرواية» ويسمى التفسير بالمأثور ، وتفسير بالدراية ويسمى التفسير بالرأى ، وتفسير بالإشارة ويسمى التفسير الإشارى ، وسنتحدّث عن كل واحد منها إن شاء الله.