من ذلك الإمام إلى النبى صلىاللهعليهوسلم في كل فرد فرد من ذلك. ومن ثمّ تسكب العبرات.
فإنها من تمّ لم ينقلها إلا آحاد ، إلا اليسير منها».
قلت هذا من جنس ذلك الكلام المتقدم. أوقفت عليه شيخنا الإمام واحد زمانه شمس الدين محمد بن أحمد الخطيب بيبرود الشافعى ، فقال لى : معذور أبو شامة ، حيث إن القراءات كالحديث ، مخرجها كمخرجه ، إذا كان مدارها على واحد كانت آحادية ؛ وخفى عليه أنها نسبت إلى ذلك الإمام اصطلاحا ؛ وإلا فكل أهل بلدة كانوا يقرءونها أخذوها أمما عن أمم. ولو انفرد واحد بقراءة دون أهل بلده لم يوافقه على ذلك أحد ، بل كانوا يجتنبونها ويأمرون باجتنابها.
قلت : صدق. ومما يدلّ على هذا ما قال ابن مجاهد : قال لى قنبل : قال القواس في سنة سبع وثلاثين ومائتين : الق هذا الرجل (يعنى البزى) فقل له : هذا الحرف ليس من قراءتنا. يعنى (وَما هُوَ بِمَيِّتٍ) مخففا. وإنما يخفف من الميت من قد مات ، ومن لم يمت فهو مشدّد. فلقيت البزى فأخبرته ، فقال له : قد رجعت عنه ... وقال محمد بن صالح :
سمعت رجلا يقول لأبى عمرو : كيف تقرأ (لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ. وَلا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ)؟ فقال : «لا يعذّب» بالكسر. فقال له الرجل : كيف؟ وقد جاء عن النبى صلىاللهعليهوسلم «لا يعذب» بالفتح. فقال له أبو عمرو : لو سمعت الرجل الذى قال : سمعت النبى صلىاللهعليهوسلم ما أخذته عنه. أو تدرى ما ذاك؟ لأنى أتهم الواحد الشاذّ إذا كان على خلاف ما جاءت به العامة. قال الشيخ أبو الحسن السخاوى : وقراءة الفتح أيضا ثابتة بالتواتر. قلت : صدق ؛ لأنها قراءة الكسائى. قال السخاوى : وقد تواتر الخبر عند قوم دون قوم. وإنما أنكرها أبو عمرو ؛ لأنها لم تبلغه على وجه التواتر.
قلت : وهذا كان من شأنهم على أن تعيين هؤلاء القراء ليس بلازم ، ولو عين غير