التحقيق تواتر القراءات العشر كلها
والتحقيق الذى يؤيده الدليل ، هو أن القراءات العشر كلها متواترة ، وهو رأى المحققين من الأصوليين والقراء كابن السبكى وابن الجزرى والنويرى ، بل هو رأى أبى شامة في نقل آخر صححه الناقلون عنه ، وجوّزوا أن يكون الرأى الآنف مدسوسا عليه ، أو قاله أول أمره ثم رجع عنه بعد. ولعل من الصواب والحكمة أن أترك الكلام هنا للمحقق ابن الجزرى ، يصول فيه ويجول ، ويسهب ويطرب ، واضعا للحق في نصابه ، دافعا للخطأ وشبهاته. فاقرأه واصبر على الإكثار والتطويل ، فإن المقام دقيق وجليل ، (وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ).
قال ـ رحمهالله ـ فى كتابه منجد المقرئين ، ابتداء من الصفحة السابعة والخمسين ما نصه :
(الفصل الثانى في أن القراءات العشر متواترة فرشا وأصولا ، حال اجتماعهم وافتراقهم ، وحلّ مشكل ذلك) اعلم أن العلماء بالغوا في ذلك نفيا وإثباتا ، وأنا أذكر أقوال كلّ ثم أبين الحق من ذلك. أما من قال بتواتر الفرش (١) دون الأصول فابن الحاجب. قال في مختصر الأصول له : «القراءات السبع متواترة فيما ليس من قبيل الأداء ، كالمدّ والإمالة وتخفيف الهمزة ونحوه» ا ه. فزعم أن المد والإمالة وما أشبه ذلك من الأصول كالإدغام وترقيق الراءات وتفخيم اللامات ونقل الحركة وتسهيل الهمزة ، من قبيل الأداء وأنه غير متواتر. وهذا قول غير صحيح كما سنبينه.
__________________
(١) يراد بالفرش الجزئيات التى يقع الخلاف في قراءتها ولا يقاس عليها. كقراءة «يخدعون» فى سورة البقرة لا يقاس عليها ما جاء في سورة النساء من كلمة «يُخادِعُونَ اللهَ» مع أن الخلاف وقع في قراءة الأولى. ويراد بالأصول الكليات التى تندرج تحتها جميع الجزئيات المتماثلة ، كقواعد المد والهمز والإمالة.