ومكثت القراءات السبع على هذه الحال دون أن تأخذ مكانها من التدوين حتى خاتمة القرن الثالث ، إذ نهض ببغداد الإمام ابن مجاهد أحمد بن موسى بن عباس فجمع قراءات هؤلاء الأئمة السبعة غير أنه أثبت اسم الكسائى وحذف يعقوب.
وجاء اقتصاره على هؤلاء السبعة مصادفة واتفاقا ، من غير قصد ولا عمد. ذلك أنه أخذ على نفسه ألا يروى إلا عمن اشتهر بالضبط والأمانة وطول العمر في ملازمة القراءة ، واتفاق الآراء على الأخذ عنه والتلقى منه فلم يتم له ما أراده هذا إلا عن هؤلاء السبعة وحدهم. وإلا فأئمة القراء لا يحصون كثرة ، وفيهم من هو أجلّ من هؤلاء قدرا ، وأعظم شأنا.
وإذن فليس اقتصار ابن مجاهد على هؤلاء السبعة بحاصر للقراء فيهم ، ولا بملزم أحدا أن يقف عند حدود قراءاتهم. بل كل قراءة توافرت فيها الأركان الثلاثة للضابط المشهور وجب قبولها (١)
ومن هنا كانت القراءات العشر. بزيادة قراءات يعقوب ، وأبى جعفر ، وخلف. على قراءات أولئك السبعة.
وكانت القراءات الأربع عشرة ، بزيادة أربع على قراءات هؤلاء العشرة ، وهى قراءات الحسن البصرى ، وابن محيصن ، ويحيى اليزيدى ، والشنبوذى.
__________________
(١) أى إن وجدت الآن. ولكن هيهات أن توجد ، بعد أن استقر الأمر في الواقع وعرف أنه ليس بعد القراءات العشر التى بين أيدينا قراءة أخرى متواترة. وسيستقبلك تحقيقه فيما بعد فانتظره.