«والاعتماد في نقل القرآن على الحفّاظ. ولذلك أرسل (أى عثمان رضى الله عنه) كل مصحف مع من يوافق قراءته في الأكثر وليس بلازم. وقرأ كل مصر بما في مصحفهم ، وتلقوا ما فيه من الصحابة الذين تلقوه عن النبى صلىاللهعليهوسلم. ثم تجرّد للأخذ عن هؤلاء قوم أسهروا ليلهم في ضبطها ، وأتعبوا نهارهم في نقلها ، حتى صاروا في ذلك أئمة للاقتداء ، وأنجما للاهتداء ، وأجمع أهل بلدهم على قبول قراءتهم ، ولم يختلف عليهم اثنان فى صحة روايتهم ودرايتهم. ولتصدّيهم للقراءة نسبت إليهم ، وكان المعوّل فيها عليهم.
«ثم إن القراء بعد هؤلاء كثروا ، وفي البلاد انتشروا ، وخلفهم أمم بعد أمم ، وعرفت طبقاتهم ، واختلفت صفاتهم ، فكان منهم المتقن للتلاوة المشهورة بالرواية والدراية ، ومنهم المحصّل لوصف واحد. ومنهم المحصل لأكثر من واحد ، فكثر بينهم لذلك الاختلاف ، وقلّ منهم الائتلاف.
فقام عند ذلك جهابذة الأمة ، وصناديد الأئمة ، فبالغوا في الاجتهاد بقدر الحاصل ، وميّزوا بين الصحيح والباطل ، وجمعوا الحروف والقراءات ، وعزوا الأوجه والروايات ، وبيّنوا الصحيح والشاذّ ، والكثير والفاذّ ، بأصول أصّلوها ، وأركان فضّلوها ، الخ» ا ه.
طبقات الحفّاظ المقرئين الأوائل.
ولقد اشتهر في كل طبقة من طبقات الأمة جماعة بحفظ القرآن وإقرائه.
فالمشتهرون من الصحابة بإقراء القرآن عثمان ، وعلى ، وأبىّ بن كعب ، وزيد بن ثابت وابن مسعود ، وأبو الدرداء ، وأبو موسى الأشعرى ، وسائر أولئك الذين أرسلهم عثمان بالمصاحف إلى الآفاق الإسلامية.
والمشتهرون من التابعين : ابن المسيب ، وعروة ، وسالم ، وعمر بن عبد العزيز وسليمان ابن يسار ، وأخوه عطاء ، وزيد بن أسلم ، ومسلم بن جندب ، وابن شهاب الزهرى ،