فى بعض حروف الرسم لا يقدح ولا يصير الأمة مضيعة ، كما لا يضر جهل العامة بالقرآن وعدم حفظهم لألفاظه» ا ه.
الرأى الثالث :
يميل صاحب التبيان ومن قبله صاحب البرهان ، إلى ما يفهم من كلام العز ابن عبد السلام ، من أنه يجوز بل يجب كتابة المصحف الآن لعامة الناس على الاصطلاحات المعروفة الشائعة عندهم ، ولا تجوز كتابته لهم بالرسم العثمانى الأول ، لئلا يوقع في تغيير من الجهال. ولكن يجب في الوقت نفسه المحافظة على الرسم العثمانى ، كأثر من الآثار النفيسة الموروثة عن سلفنا الصالح ، فلا يهمل مراعاة لجهل الجاهلين ، بل يبقى في أيدى العارفين الذين لا تخلو منهم الأرض. وهاك عبارة التبيان في هذا المقام إذ يقول ما نصه :
وأما كتابته (أى المصحف) على ما أحدث الناس من الهجاء ، فقد جرى عليه أهل المشرق ، بناء على كونها أبعد من اللبس ، وتحاماه أهل المغرب بناء على قول الإمام مالك وقد سئل. هل يكتب المصحف على ما أحدث الناس من الهجاء؟ فقال : «لا : إلا على الكتبة الأولى». قال في البرهان : قلت : وهذا كان في الصدر الأول ، والعلم حىّ غضّ. وأما الآن فقد يخشى الالتباس ، ولهذا قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام : «لا تجوز كتابة المصحف الآن على الرسم الأول باصطلاح الأئمة ، لئلا يوقع في تغيير من الجهال. ولكن لا ينبغى إجراء هذا على إطلاقه ، لئلا يؤدى إلى دروس العلم. وشىء قد أحكمته القدماء لا يترك مراعاة لجهل الجاهلين. «ولن تخلو الأرض من قائم لله بحجة» ا ه.
أقول : وهذا الرأى يقوم على رعاية الاحتياط للقرآن من ناحيتين : ناحية كتابته في كل عصر بالرسم المعروف فيه ، إبعادا للناس عن اللبس والخلط في القرآن ، وناحية إبقاء