لا تهتدى إليها العقول ، وهو سرّ من الأسرار خصّ الله به كتابه العزيز دون سائر الكتب السماوية. وكما أن نظم القرآن معجز ، فرسمه أيضا معجز! وكيف تهتدى العقول إلى سر زيادة الألف في «مائة» دون «فئة». وإلى سر زيادة الياء في «بأييد وبأيّيكم»؟ أم كيف تتوصل إلى سر زيادة الألف في «سعوا» بالحج ، ونقصانها من «سعو» بسبإ؟ وإلى سر زيادتها في «عتوا» حيث كان ، ونقصانها من «عتو» فى الفرقان؟ وإلى مر زيادتها في «آمنوا». وإسقاطها من «باؤ ، جاؤ ، تبوّؤ ، فاؤ» بالبقرة؟ وإلى سر زيادتها في «يعفوا الذى» ، ونقصانها من «يعفو عنهم» فى النساء؟ أم كيف تبلغ العقول إلى وجه حذف بعض أحرف من كلمات متشابهة دون بعض ، كحذف الألف من «قرآنا» بيوسف والزخرف ، وإثباتها في سائر المواضع؟ وإثبات الألف بعد واو «سموات» فى فصلت وحذفها من غيرها. وإثبات الألف في «الميعاد» مطلقا ، وحذفها من الموضع الذى في الأنفال ، وإثبات الألف في «سراجا» حيثما وقع ، وحذفه من موضع الفرقان؟ وكيف تتوصل إلى فتح بعض التاءات وربطها في بعض؟ فكل ذلك لأسرار إلهية ، وأغراض نبوية. وإنما خفيت على الناس لأنها أسرار باطنية لا تدرك إلا بالفتح الربانى ، فهى بمنزلة الألفاظ والحروف المتقطّعة التى في أوائل السور ، فإن لها أسرارا عظيمة ، ومعانى كثيرة. وأكثر الناس لا يهتدون إلى أسرارها ، ولا يدركون شيئا من المعانى الإلهية التى أشير إليها! فكذلك أمر الرسم الذى في القرآن حرفا بحرف.
وأما قول من قال : إن الصحابة اصطلحوا على أمر الرسم المذكور ، فلا يخفى ما في كلامه من البطلان ، لأن القرآن كتب في زمان النبى صلىاللهعليهوسلم وبين يديه. وحينئذ فلا يخلو ما اصطلح عليه الصحابة ، إما أن يكون هو عين الهيئة أو غيرها فإن كان عينها