ويقول النبى صلىاللهعليهوسلم : «عليكم بالصدق فإنه مع البرّ وهما في الجنة. وإياكم والكذب فإنه مع الفجور وهما في النار» رواه ابن ماجة.
وعن صفوان بن سليم رضى الله عنه قال : قلنا يا رسول الله : أيكون المؤمن جبانا؟
قال : «نعم». قلنا : أفيكون بخيلا؟ قال : «نعم». قلنا : أفيكون كذابا؟ قال : «لا» أخرجه مالك. فانظر إلى الحديث الأول كيف جعل الصدق هاديا إلى البر وإلى الجنة ، وجعل الكذب هاديا إلى الفجور وإلى النار. ثم انظر إلى الحديث الثانى كيف اعتبر الكذب أفحش من الجبن والبخل ، وأخرجه في هذه الصورة الشنيعة التى لا تجتمع هى والإيمان في نفس واحدة أبدا.!
وستقضى العجب حين تعلم أن الرسول صلىاللهعليهوسلم بالغ في تقبيح الكذب حتى في توافه الأشياء ومحقرات الأمور! استمع إليه صلىاللهعليهوسلم وهو ينهى عن الكذب في المزاح بهذه الطريقة الرادعة فيقول : «ويل للذى يحدث ليضحك منه القوم فيكذب ، ويل له ، ويل له» رواه أبو داود والترمذى. ثم استمع إليه صلىاللهعليهوسلم وهو يتوعد من يكذب فى منامه ويقول : «من كذب في حلم كلف يوم القيامة أن يعقد بين شعيرتين ، وليس بعاقد بينهما أبدا».
قل لى بربك : هل تلك الطبقة الأولى الممتازة التى سمعت ذلك وأضعاف ذلك بآذانها من فم رسولها ، والتى اعتنقت الإيمان بعد البحث والنظر ، واعتقدته طريقا إلى سعادتها وعزّها ، والتى باعت أنفسها وأموالها لله بأن لها الجنة في نعيمها وخلودها. نقول : هل تلك الطبقة الكريمة ترضى بعد ذلك كله أن تركب رأسها وتنكص على أعقابها؟ فتكذب على الله ورسوله ، أولا تتحرّى الصدق في كتاب الله وسنة رسوله! ذلك شطط بعيد لا يجوز إلا على عقول المغفلين!.