قائمة الکتاب

    إعدادات

    في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
    بسم الله الرحمن الرحيم

    مناهل العرفان في علوم القرآن [ ج ١ ]

    مناهل العرفان في علوم القرآن [ ج ١ ]

    298/575
    *

    ذلك لأنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان أفصح الناس لسانا ، وأوضحهم بيانا وأجودهم إلقاء ، ينتقى عيون الكلام وهو الذى أوتى جوامع الكلم ، ويفتتح الكلام ويختتمه بأشداقه ويفصله تفصيلا يراعى فيه المقام والأفهام ، ولا يسرد الحديث سردا يزرى برونقه أو يذهب بشيء منه ، بل يتكلم كلاما لو عدّه العادّ لأحصاه. وكان يعيد الكلمة ثلاثا أو أكثر من ثلاث عند الحاجة ، كيما تحفظ عنه ، كما جاء في صحيح مسلم أنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال. «هلك المتنطّعون» قالها ثلاثا. وكما جاء في حديث البخارى ومسلم أنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر (ثلاثا) قلنا : بلى يا رسول الله قال : الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين ، ألا وقول الزور وشهادة الزور ـ وكان متّكئا فجلس ـ فما زال يكرّرها حتى قلنا ليته سكت».

    ومن هديه صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه كان إذا خطب احمرّت عيناه ، وعلا صوته واشتدّ غضبه حتى كأنه منذر جيش يقول : صبّحكم ومسّاكم. ويقول : بعثت أنا والساعة كهاتين (ويقرن بين إصبعيه السّبّابة والوسطى) ويقول : «أمّا بعد فإنّ خير الحديث كتاب الله ، وخير الهدى هدى محمّد ، وشرّ الأمور محدثاتها وكلّ محدثة بدعة ، وكلّ بدعة ضلالة. ثم يقول : أنا أولى بكلّ مؤمن من نفسه. من ترك مالا فلأهله ، ومن ترك دينا أو ضياعا (١) فإلىّ وعلىّ» رواه مسلم.

    ومن وسائل إيضاحه صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه كان يضرب لهم الأمثال الرائعة التى تجلّى لهم المعانى ، كأنها العروس بارعة ليلة الزفاف ، أو الشمس ساطعة ليس دونها سحاب. تأمل قوله وهو يضرب المثل في ضرورة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وخطر إهمالهما ، ثم قل لى بربك : هل يبارح ذاكرتك هذا التمثيل البديع؟.

    __________________

    (١) الضياع بفتح الضاد يستعمل مصدرا لضاع ، ويستعمل اسما بمعنى العيال أو الضائعين منهم. قال في القاموس : «والضّياع أيضا العيال ، أو ضيّعهم» ا ه ولا يخفى أن المعنى المصدرى غير مراد هنا.