الشبهة الثانية
يقولون : إن القرآن كما حصل فيه نقص عند الجمع ، حصلت فيه زيادة. والدليل على ذلك إنكار ابن مسعود أن المعوّذتين من القرآن ، وأن في القرآن ما هو من كلام أبى بكر وكلام عمر.
وننقض هذه الشبهة (أولا) : بأن ابن مسعود لم يصح عنه هذا النقل الذى تمسكتم به من إنكاره كون المعوّذتين من القرآن. والمسألة مذكورة في كثير من كتب التفسير وعلوم القرآن مع تمحيصها والجواب عليها.
وخلاصة ما قالوه : ان المسلمين أجمعوا على وجوب تواتر القرآن. ويشكل على هذا ما نقل من إنكار ابن مسعود قرآنية الفاتحة والمعوذتين. بل روى أنه حكّ من مصحفه المعوذتين ، زعما منه أنهما ليستا من القرآن.
وقد أجابوا عن ذلك بمنع صحة النقل ، قال النووى في شرح المهذّب ما نصه : «أجمع المسلمون على أن المعوذتين والفاتحة من القرآن ، وأن من جحد شيئا منها كفر. وما نقل عن ابن مسعود باطل ليس بصحيح» ا ه وقال ابن حزم في كتاب القدح المعلى : (هذا كذب على ابن مسعود وموضوع). بل صحّ عن ابن مسعود نفسه قراءة عاصم ، وفيها المعوّذتان والفاتحة. وفي صحيح مسلم عن عقبة بن عامر «أنه صلىاللهعليهوسلم قرأهما فى الصلاة». زاد ابن حبان من وجه آخر عن عقبة بن عامر أيضا : «فإن استطعت ألّا تفوتك قراءتهما في صلاة فافعل» ، وأخرج أحمد من طريق أبى العلاء بن الشّخّير عن رجل من الصحابة أن النبى صلىاللهعليهوسلم أقرأنا المعوّذتين وقال له : إذا أنت صليت فاقرأ بهما. وإسناده صحيح.
(ثانيا) يحتمل أن إنكار ابن مسعود لقرآنية المعوذتين والفاتحة على فرض صحته ،