وهى القرآن المتداول اليوم. وعمد إلى المصاحف المتقدمة ، فلم يبق منها نسخة إلا أغلى لها الخلّ وطرحها فيه حتى تقطّعت. وإنما رام بما فعله أن يتزلّف إلى بنى أمية ، فلم يبق في القرآن ما يسوؤهم.
نقض هذه المزاعم الباطلة
ملخّص هذه الشبهة أن القرآن الذى بأيدينا ناقص سقط منه ما سقط ، بدليل المزاعم السبعة التى سقناها أمامك. وإذن فلنمحص بين يديك هذه المزاعم ، لنأتى بنيان هذه الشبهة من القواعد.
(١) أما احتجاجهم الأول ـ وهو الحديث الذى أوردوه ـ فإنه لا ينهض حجة لهم فيما زعموا من الشكّ في الأصل الذى قامت عليه كتابة القرآن وجمعه. بل الأصل سليم قويم وهو وجود هذه الآيات مكتوبة في الوثائق التى استكتبها الرسول ، ووجودها محفوظة في صدور أصحابه الذين تلقّوها عنه ، والذين بلغ عددهم مبلغ التواتر ، وأجمعوا جميعا على صحّته. كما عرف ذلك في دستور جمع القرآنى.
إنما قصارى هذا الخبر أنه يدلّ على أن قراءة ذلك الرجل ذكّرت النبى صلىاللهعليهوسلم إيّاها ، وكان قد أنسيها أو أسقطها (أى نسيانا).
وهذا النوع من النسيان لا يزعزع الثقة بالرسول ، ولا يشكّك في دقّة جمع القرآن ونسخه ، فإن الرسول صلىاللهعليهوسلم كان قد حفظ هذه الآيات من قبل أن يحفظها ذلك الرجل ، ثم استكتبها كتّاب الوحى ، وبلغها الناس فحفظوها عنه ، ومنهم رجل الرواية عبّاد بن بشّار رضى الله عنه على ما روى.
وليس في ذلك الخبر الذى ذكروه رائحة أن هذه الآيات لم تكن بالمحفوظات التى كتبها كتّاب الوحى ، وليس فيه ما يدلّ على أن أصحاب الرسول كانوا قد نسوها جميعا ، حتى يخاف عليها وعلى أمثالها الضياع ، ويخشى عليها السقوط عند الجمع واستنساخ المصحف الإمام ،