والإضافات الفاسقة. بل هو مستمدّ من القواعد التى وضعها الرسول بتشريع كتابة القرآن ، واتخاذ كتّاب للوحى ، وجمع ما كتبوه عنده حتى مات صلوات الله وسلامه عليه. قال الإمام أبو عبد الله المحاسبى في كتاب فهم السنن ما نصّه : «كتابة القرآن ليست بمحدثة ، فإنه صلىاللهعليهوسلم كان يأمر بكتابته ، ولكنه كان مفرّقا في الرقاع ، والأكتاف ، والعسب ، فإنما أمر الصديق بنسخها من مكان إلى مكان مجتمعا ، وكان ذلك بمنزلة أوراق وجدت في بيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيها القرآن منتشرا ، فجمعها جامع وربطها بخيط ، حتى لا يضيع منها شىء» ا ه
تنفيذ أبى بكر للفكرة :
اهتمّ أبو بكر بتحقيق هذه الرغبة ، ورأى بنور الله أن يندب لتحقيقها رجلا من خيرة رجالات الصحابة هو زيد بن ثابت رضى الله عنه ، لأنه اجتمع فيه من المواهب ذات الأثر في جمع القرآن ، ما لم يجتمع في غيره من الرجال ، إذ كان من حفّاظ القرآن ، ومن كتاب الوحى لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وشهد العرضة الأخيرة للقرآن في ختام حياته صلىاللهعليهوسلم. وكان فوق ذلك معروفا بخصوبة عقله ، وشدة ورعه ، وعظم أمانته ، وكمال خلقه ، واستقامة دينه. فاستشار أبو بكر عمر في هذا فوافقه. وجاء زيد فعرض أبو بكر عليه الفكرة ورغب إليه أن يقوم بتنفيذها ، فتردّد زيد أول الأمر ، ولكن أبا بكر ما زال به يعالج شكوكه ، ويبيّن له وجه المصلحة ، حتى اطمأنّ واقتنع بصواب ما ندب إليه ، وشرع يجمع ، وأبو بكر وعمر وكبار الصحابة يشرفون عليه ، ويعاونونه في هذا المشروع الجلل ، حتى تمّ لهم ما أرادوا (وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ).
وفي ذلك يروى البخارى في صحيحه أنّ زيد بن ثابت رضى الله عنه قال :
«أرسل إلىّ أبو بكر مقتل أهل اليمامة (أى عقب استشهاد القراء السبعين