جريا على عادة العرب في حفظ أنسابها ، واستظهار مفاخرها وأشعارها من غير كتابة.
صفوة المقال :
وصفوة المقال أن القرآن كان مكتوبا كله على عهد الرسول صلىاللهعليهوسلم ، وكانت كتابته ملحوظا فيها أن تشمل الأحرف السبعة التى نزل عليها ، غير أن بعض الصحابة كان قد كتب بعض منسوخ التلاوة ، وبعض ما هو ثابت بخبر الواحد ، وربما كتبه غير مرتّب. ولم يكن القرآن على ذلك العهد مجموعا في صحف ولا مصاحف عامة.
لما ذا لم يجمع القرآن أيامئذ في صحف ولا مصاحف؟
وإنما لم يجمع القرآن في صحف ولا مصاحف لاعتبارات كثيرة :
أولها أنه لم يوجد من دواعى كتابته في صحف أو مصاحف مثل ما وجد على عهد أبى بكر حتى كتبه في صحف. ولا مثل ما وجد على عهد عثمان حتى نسخه في مصاحف.
فالمسلمون وقتئذ بخير ، والقراء كثيرون ، والإسلام لم يستبحر عمرانه بعد ، والفتنة مأمونة ، والتعويل لا يزال على الحفظ أكثر من الكتابة ، وأدوات الكتابة غير ميسورة ، وعناية الرسول باستظهار القرآن تفوق الوصف وتوفى على الغاية ، حتى في طريقة أدائه على حروفه السبعة التى نزل عليها.
ثانيها : أن النبى صلىاللهعليهوسلم كان بصدد أن ينزل عليه الوحى بنسخ ما شاء الله من آية أو آيات.
ثالثها : أن القرآن لم ينزل مرة واحدة ، بل نزل منجّما في مدى عشرين سنة أو أكثر رابعها : أن ترتيب آياته وسوره ليس على ترتيب نزوله ، فقد علمت أن نزوله ، كان على حسب الأسباب ، أما ترتيبه فكان لغير ذلك من الاعتبارات.
وأنت خبير بأن القرآن لو جمع في صحف أو مصاحف والحال على ما شرحنا
(١٦ ـ مناهل العرفان ١)