تفيد هذه المبالغة. ومجموع القراءتين يحكم بأمرين : أحدهما أن الحائض لا يقربها زوجها حتى يحصل أصل الطهر. وذلك بانقطاع الحيض. وثانيهما أنها لا يقربها زوجها أيضا إلا إن بالغت في الطهر وذلك بالاغتسال ، فلا بد من الطهرين كليهما في جواز قربان النساء. وهو مذهب الشافعى ومن وافقه أيضا.
ومنها الدلالة على حكمين شرعيين ولكن في حالين مختلفين : كقوله تعالى في بيان الوضوء (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ ، وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) قرئ بنصب لفظ «أرجلكم» ويجرها ، فالنصب يفيد طلب غسلها لأن العطف حينئذ يكون على لفظ «وجوهكم» المنصوب ، وهو مغسول. والجرّ يفيد طلب مسحها لأن العطف حينئذ يكون على لفظ «رءوسكم» المجرور ، وهو ممسوح. وقد بين الرسول صلىاللهعليهوسلم أن المسح يكون للابس الخف وأنّ الغسل يجب على من لم يلبس الخف.
ومنها دفع توهم ما ليس مرادا كقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ) وقرئ «فامضوا إلى ذكر الله».
فالقراءة الأولى يتوهم منها وجوب السرعة في المشى إلى صلاة الجمعة ، ولكن القراءة الثانية رفعت هذا التوهم لأن المضىّ ليس من مدلوله السرعة.
ومنها بيان لفظ مبهم على البعض نحو قوله تعالى : (وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ) وقرئ «كالصوف المنفوش» فبينت القراءة الثانية أنّ العهن هو الصوف.
ومنها تجلية عقيدة ضلّ فيها بعض الناس : نحو قوله تعالى في وصف الجنة وأهلها : (وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً) جاءت القراءة بضم الميم