وسكون اللام في لفظ (وَمُلْكاً كَبِيراً) وجاءت قراءة أخرى بفتح الميم وكسر اللام في هذا اللفظ نفسه فرفعت هذه القراءة الثانية نقاب الخفاء عن وجه الحق في عقيدة رؤية المؤمنين لله تعالى في الآخرة ، لأنه سبحانه هو الملك وحده في تلك الدار (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ؟ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ).
والخلاصة : أن تنوّع القراءات ، يقوم مقام تعدّد الآيات. وذلك ضرب من ضروب البلاغة ، يبتدئ من جمال هذا الإيجاز وينتهى إلى كمال الإعجاز.
أضف إلى ذلك ما في تنوّع القراءات من البراهين الساطعة ، والأدلة القاطعة على أن القرآن كلام الله ، وعلى صدق من جاء به وهو رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فإن هذه الاختلافات فى القراءة على كثرتها لا تؤدى إلى تناقض في المقروء وتضاد ، ولا إلى تهافت وتخاذل ، بل القرآن كله على تنوّع قراءته ، يصدّق بعضه بعضا ، ويبين بعضه بعضا ، ويشهد بعضه لبعض ، على نمط واحد في علو الأسلوب والتعبير ، وهدف واحد من سموّ الهداية والتعليم. وذلك ـ من غير شك ـ يفيد تعدّد لإعجاز بتعدّد القراءات والحروف.
ومعنى هذا أن القرآن يعجز إذا قرئ بهذه القراءة ، ويعجز أيضا إذا قرئ بهذه القراءة الثانية ، ويعجز أيضا إذا قرئ بهذه القراءة الثالثة ، وهلمّ جرا. ومن هنا تتعدّد المعجزات بتعدّد تلك الوجوه والحروف!.
ولا ريب أن ذلك أدلّ على صدق محمد صلىاللهعليهوسلم ، لأنه أعظم في اشتمال القرآن على مناح جمة في الإعجاز وفي البيان ، على كل حرف ووجه ، وبكل لهجة ولسان. (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ ، وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ ، وَإِنَّ اللهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ).
(الشاهد الثانى) أن مرّات استزادة الرسول للتيسير على أمته ، كانت ستا غير الحرف الذى أقرأه أمين الوحى عليه أول مرة فتلك سبعة كاملة بمنطوقها ومفهومها