«حكمى على الواحد حكمى على الجماعة» فآية القذف السابقة النازلة بسبب حادثة هلال مع زوجته خاصة بهذه الحادثة وحدها ، «على هذا الرأى». أما حكم غيرها مما يشبهها ، فإنما يعرف قياسا عليها أو عملا بالحديث المذكور.
ويجب أن نلاحظ ، أن هذا الخلاف القائم بين الجمهور وغيرهم ، محلّه إذا لم تقم قرينة على تخصيص لفظ الآية العامّ بسبب نزوله ، أما إذا قامت تلك القرينة فإن الحكم يكون مقصورا على سببه لا محالة ، بإجماع العلماء.
كما يجب أن نلاحظ أيضا أن حكم النّص العام الوارد على سبب يتعدّى عند هؤلاء وهؤلاء إلى أفراد غير السبب. بيد أن الجمهور يقولون إنه يتناولهم بهذا النصّ نفسه ، وغير الجمهور يقولون إنه لا يتناولهم إلا قياسا أو بنص آخر كالحديث المعروف : «حكمى على الواحد حكمى على الجماعة»
وإلى هذا المعنى يشير ابن تيمية بقوله : «قد يجيء كثيرا من هذا الباب قولهم. هذه الآية نزلت في كذا ، لا سيما إن كان المذكور شخصا ، كقولهم : إن آية الظهار نزلت في امرأة قيس بن ثابت ، وإن آية الكلالة نزلة في جابر بن عبد الله ، وإن آية قوله (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ) نزلت في بنى قريظة والنضير ، ونظائر ذلك مما يذكرون أنه نزل في قوم من المشركين بمكة ، أو في قوم من اليهود والنصارى ، أو في قوم من المؤمنين. فالذين قالوا ذلك لم يقصدوا أن حكم الآية يختص بأولئك الأعيان دون غيرهم ، فإن هذا لا يقوله مسلم ولا عاقل على الإطلاق. والناس وإن تنازعوا في اللفظ العام الوارد على سبب : هل يختصّ بسببه؟ لم يقل أحد إن عمومات الكتاب والسنّة تختصّ بالشخص المعين. وإنما غاية ما يقال إنها تختصّ بنوع ذلك الشخص ، فتعمّ ما يشهه ولا يكون العموم فيها بحسب اللفظ. والآية التى لها سبب معين إن كانت أمرا أو نهيا فهى متناولة لذلك الشخص ولغيره ممن كان بمنزلته» ا ه.