الوجوبية والتحريمية وفصل بعض فى البراءة العقلية بين الشبهات الحكمية
والموضوعية ، فقال بالجريان فى الاولى دون الثانية ، ومعظم الاخباريين منعوا
البراءة العقلية مطلقا ، واجروا البراءة النقلية فى خصوص الشبهة الوجوبية فهم فى
الوجوبية قائلون بالبراءة ومشكوك الوجوب عندهم مباح ظاهرا ، وفى التحريمية قائلون
بالاحتياط ومشكوك الحرمة عندهم حرام ظاهرا ، الى غير ذلك من الاقوال.
الامر الثالث :
قد عرفت ان البراءة العقلية هى حكم العقل وقضائه الجازم بقبح مؤاخذة المولى عبده
فيما لا بيان منه ولا اعلام ، فلا فعلية للتكليف المشكوك ولا استحقاق للمؤاخذة ،
فادراك القوة العاقلة وقضاوة نفس تلك الخصيصة الربانية كاف فى الحجية.
واما البراءة
الشرعية فيدل عليها.
اولا : ظاهر
الكتاب كقوله تعالى : (وَما كُنَّا
مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) اى ما كان من عادتنا سابقا ولا حقا ان نعذب احدا على
ترك واجب او فعل حرام حتى نبين حكمهما : فبعث الرسول كناية عن بيان احكام الافعال.
وقوله تعالى (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا
وُسْعَها) بناء على ان المراد بالوسع الوسع العلمى ، وقوله تعالى
: (لا يُكَلِّفُ اللهُ
نَفْساً إِلَّا ما آتاها) بناء على ان المراد بالايتاء الاعلام.
وثانيا :
الاخبار ، فمنها : قوله صلىاللهعليهوآله فى حديث الرفع (رفع عن امتى ما لا يعلمون) فان الايجاب
والتحريم المجهولين من قبيل ما لا يعلم فيكونان مرفوعين.
ومنها : قوله عليهالسلام فى حديث الحجب ، ما حجب الله علمه عن