لأوجب أن الأرض قبضته أي جارحته ويقتضي أنه ليست قبضته سوى الأرض والأرض ليست بجارحة له ولا يخلو قوله (وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ) من ثلاثة أوجه إما أن يكون إخبارا أن الثاني هو الأول كما يقال زيد أخوك فيقتضي ذلك أن الأرض كفه المجتمع أو أن يقال ذلك على سبيل التشبيه للأول بالثاني تفضيلا كما يقال فلان عيني وهو فؤادي وكما يقال فلان أسد ويجر تشبيها له بهما في الجود والشجاعة ولا يجوز ذلك وإما أن يراد أنه ملكه أو فعله كقولهم هذه داره وعبده وهذا كسبه وفعله وعلى هذا الوجه يصح ـ ابن عباس ومجاهد أي ملكه ومنه يقال هذا في قبضتي وقبضت الدار والأرض هذه قبضة أي مجتمعة ومنه قبضة اليد والقوس ومقبض السيف والقبض ما قبض من الغنائم والفيء والتقبض التشنج والعبوس فقبضت قبضة فعله منه.
قوله سبحانه :
(أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً. ثُمَّ قَبَضْناهُ إِلَيْنا قَبْضاً يَسِيراً) إنما هي حيث تشرق عليه الشمس فيتقلص لأنه ما رأيت يدا مجسدة تقبض الظل.
قوله سبحانه :
(أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمنُ) ما رأيت يد تمسك شيئا وإنما معنى ذلك القدرة على إمساكها.
قوله سبحانه :
(وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ) أي يمنع ويعطي.
قوله سبحانه :
(ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها) وقوله (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ) لا يوصف جل ثناؤه بالقبض على الشيء فالمعنى في ذلك أنها في ملكه
فصل
قوله تعالى (ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ) الجنب العضو المعروف والناحية