بالكلام على ما ذكر جماعة من المفسرين وأهل العدل من البغداديين في قوله (قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها) وقول القائل أنا بمسمع منك وأنا سامع لكلامك ومشاهد لفعالك إذا كان يراعي أخباره حتى يصل إليه ويعلمها وفي الكلام الذي تحصل فائدة يقال كلام فلان مسموع والسلطان يسمع قول فلان فيتبعون الوصف بالسماع ويستعمل في اللغة أيضا رد الجواب على ثلاثة أوجه في رده بالكلام وفي فعل ما تضمنه السؤال كالذي يسأل غيره فعلا فيفعل المسئول ما تضمنه سؤاله فيقال قد أجابه وإن لم يتكلم وفي فعل ما يقتضيه الحال من الأفعال وهذا مثل قول الحاج عند الاستلام أمانتي أديتها وميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة غدا مودعا لله تعالى وخطابا له وهو المستمع له والمجازي به وإنما أضافه إلى الحجر لأنه عمل عنده وعبادته فيه وقربه إلى الله به فكأنه قال أمانتي في استلامك أديتها ومعنى لتشهد لي بالموافاة أي ليكون عملي عندك شاهدا عند الله تعالى لموافاتي بما ندبت إليه من العبادة المتعلقة بك المفعولة فيك وأما قول الزائر لمشاهد الأئمة أشهد أنك تسمع كلامي وترد جوابي فيكون معنى ذلك قبول الله تعالى دعاء زائرهم وإجابة مسائلهم فصار قبوله تعالى من أجلهم كأنه قبول منهم ويجري ذلك مجرى قوله سمع الله لمن حمده في أن معناه القبول لا مجرد الإدراك ومنه قولهم خاطبت فلانا فما سمع كلامي أي ما قبله قال الشاعر:
دعوت الله حتى خفت ألا |
|
يكون الله يسمع ما أقول |
أي لا يقبل وغير منكر أن يكون الله تعالى بلغهم دعاء زائرهم فيسمعونه على الحقيقة وقد صح بإجماع الطائفة المحقة والأخبار المتواترة أنهم بعد وفاتهم في الجنان وقال الله تعالى (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ) وهذا في الشهداء فكيف في الأوصياء وَقَوْلُ النَّبِيِّ ع مَنْ صَلَّى عَلَيَّ عِنْدَ قَبْرِي سَمِعْتُهُ وَمَنْ صَلَّى عَلَيَّ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ بَلَغَتْ.
فصل
قوله تعالى (ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ) تكلم الناس في القرآن فقالت الكفرة (هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ) فشاركهم فيه المجبرة وقالت المشركون (إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ) فوافقهم المعتزلة في اللفظ وقالت الزنادقة (إِفْكٌ افْتَراهُ) فتبعهم