فقد كفر لأنه لا يمكنه مع ذلك العلم بصحة المعجزات على النبوات لأنه أجاز مثله من جهة السحر والذي يتحقق من ذلك وجوه منها التخييلات كفعل المستعيذ يرى الشيء بخلاف ما هو بخفة يده ومنه التوصل بالأدوية التي جرت العادة أن عند شربها يحدث حوادث ومنها أن يدخن بما يصل الدخان إلى دماغها فيحدث نحوا من ذلك ومنها أن يولد لفعله في مسحور بشرط المماسة ومنها أن يفعل بالنميمة ما يؤدي إلى الضرر.
قوله سبحانه :
(مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ الَّذِي) السورة أي من شر الوسوسة التي تكون من الجنة والناس أو قلت من شر ذي الوسواس وهو الشيطان كما جاء في الأثر أَنَّهُ يُوَسْوِسُ فَإِذَا ذَكَرَ الْعَبْدُ رَبَّهُ خَنَسَ. فأما والناس عطف عليه كأنه قيل من الشيطان الذي هذه صفته أو قلت من شر ذي الوسواس الخناس على العموم ثم فسر بقوله (مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ).
قوله سبحانه:
حكاية عن يعقوب (يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ) قال ابن عباس وقتادة والضحاك والسدي والحسن والبلخي والرماني وأكثر المفسرين إنه خاف عليهم العين وقال تعالى في حق نبينا ع (وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ) وَقَالَ (وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ) وَقَدْ فَسَّرَهُ الصَّادِقُ ع فَقَالَ هُوَ الْعَيْنُ وَالْعَيْنُ حَقُّ وَهُوَ قَوْلُ النَّبِيِّ ع وَقَدْ عَوَّذَ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ وَقَالَ فِي عُوذَتِهِ وَأُعِيذُكُمَا مِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ. والمعوذتين لأجلهما سميتا وقد اختلف المتكلمون في ذلك فأنكره أبو علي وأبو القاسم وقال الجاحظ لا ينكر أن ينفصل من العين الصائبة إلى الشيء المستحسن أجزاء لطيفة ويؤثر فيه كالخاصية ولو كان كما قال لما اختص ذلك ببعض الأشياء دون بعض ولأن الأجزاء جواهر متماثلة وقال الحسن والرماني والقاضي إن العين تحصل بالعادة من فعل الله كما يحصل الشفاء عند الأدوية وهو اختيار المرتضى وقال الطوسي ليس يمتنع أن يكون الله أجرى العادة بضرب من المصلحة أنه متى ما نظر إنسان إلى غيره على وجه مخصوص اقتضت المصلحة إهلاكه أو إمراضه أو إتلاف ماله