من آيات الله لما فيها من عظم النور وغيرهما بغير علاقة ولا دعامة ونور
الشمس لما كان أضعف الأنوار سماه ضياء كما قيل للنار نارا لما فيها من الضياء ولما
كان نور القمر دون ذلك سماه نور الشمس وضياها يغلب عليه ولذلك لا يقال أضاء الليل
بل يقال أنار الليل وليلة منيرة ويقولون في قلبه نور ولا يقال فيه ضياء.
قوله سبحانه :
(وَعَلاماتٍ
وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) وحد النجم وقال فيما تقدم (وَالنُّجُومُ
مُسَخَّراتٌ) لأن النجوم على ثلاثة أضرب ما يهتدي بها مثل الفرقدين
والجدي لأنها لا تزول وضرب هي زينة السماء كما قال (زَيَّنَّا السَّماءَ
الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ) فقوله (وَبِالنَّجْمِ) يريد النجوم فاجتزأ بالواحد عن الجمع كما قال (أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ
يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ) والنجم في قوله (النَّجْمُ الثَّاقِبُ) يريد به الثريا (وَالنَّجْمِ إِذا
هَوى) يعني نزول القرآن (وَالنَّجْمُ
وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ) يريد كلما نجم من الأرض مما لا يقوم على ساق
فصل
قوله تعالى (وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) وقوله (وَنُنَزِّلُ مِنَ
الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ) الطب صحيح وعلمه ثابت وطريقه الوحي وإنما أخذوه عن
الأنبياء والطريق إلى حقيقة ذلك بالسمع ومعرفة الدواء بالتوقيف وكان الصادقون ع
يأمرون بعض أصحاب الأمراض باستعمال ما يضر من كان المرض به فلا يضره وذلك لعلمهم
بانقطاع المرض وذلك على سبيل المعجز لهم والصحة والمرض من الله والمرض نوعان مبتدأ
يخلقه الله وما يخلقه عند سبب كما قال إبراهيم (وَإِذا مَرِضْتُ) أي من تعدمني ـ الصادق ع في خبر إِنِّي رَأَيْتُ
الرَّجُلَ مِنْهُمُ الْمَاهِرَ فِي طِبِّهِ إِذَا سَأَلْتُهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى
حُدُودِ نَفْسِهِ وَتَأْلِيفِ بَدَنِهِ وَتَرْكِيبِ أَعْضَائِهِ وَمَجْرَى
الْأَغْذِيَةِ فِي جَوَارِحِهِ وَمَخْرَجِ نَفْسِهِ وَحَرَكَةِ لِسَانِهِ
وَمُسْتَقَرِّ كَلَامِهِ وَنُورِ بَصَرِهِ وَانْتِشَارِ ذَكَرِهِ وَاخْتِلَافِ
شَهَوَاتِهِ وَانْسِكَابِ عَبَرَاتِهِ وَمَجْمَعِ سَمِعِهِ وَمَوْضِعِ عَقْلِهِ
وَمَسْكَنِ رُوحِهِ وَمَخْرَجِ عَطَشِهِ وَهَيْجِ غُمُومِهِ وَأَسْبَابِ سُرُورِهِ
وَعِلْمِهِ بِمَا حَدَثَ فِيهِ مِنْ بَكَمٍ وَصم [صَمَمٍ] وَغَيْرِ ذَلِكَ لَمْ
يَكُنْ عِنْدَهُمْ أَكْثَرُ مِنْ أَقَاوِيلَ اسْتَحْسَنُوهَا وَعِلَلٍ فِيمَا
بَيْنَهُمْ جَوَّزُوهَا. وَدَخَلَ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع عَلَى الرَّشِيدِ
فَقَالَ لَهُ الرَّشِيدُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ أَخْبِرْنِي عَنِ الطَّبَائِعِ
الْأَرْبَعِ فَقَالَ ع أَمَّا الرِّيحُ فَإِنَّهُ مَلَكٌ يُدَارِي وَأَمَّا
الدَّمُ فَإِنَّهُ عَبْدٌ