ملحد قد عظمه الناس فقال له قد رأيت ببابك عجبا قال وما هو قال رأيت سفينة تعبر الناس من جانب إلى جانب بلا ملاح ولا ناصر فقال الملحد إن هذا أصلحك الله لمجنون قال وكيف ذاك قال خشب جماد لا حياة له ولا قوى ولا عقل كيف يعبر بالناس فقال ابن ميثم فأيما أعجب هذا وهذا الماء الجاري يجري على وجه الأرض يمنة ويسرة بلا روح ولا حياة ولا قوى وهذا النبات الذي يخرج من الأرض وهذا المطر الذي ينزل من السماء تزعم أن لا مدبر لها كلها وتنكر أن تكون سفينة تتحرك بلا مدبر وتعبر الناس.
قوله سبحانه :
(هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) نسبه إلى نفسه أما في البحر فلأنه بالريح والله المحرك لها دون غيره وأما في البر فلأنه كان باقتداره وتمكينه وتسبيبه وقَالَ رَجُلٌ لِلصَّادِقِ ع مَا الدَّلِيلُ عَلَى اللهِ وَلَا تَذْكُرْ لِيَ الْعَالِمَ وَالْجَوْهَرَ وَالْعَرَضَ فَقَالَ ع هَلْ رَكِبْتَ فِي الْبَحْرِ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَهَلْ عَصَفَتْ بِكُمُ الرِّيحُ حَتَّى خِفْتُمُ الْغَرَقَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَهَلِ انْقَطَعَ رَجَاؤُكَ مِنَ الْمَرْكَبِ وَالْمَلَّاحِينَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَهَلْ تَتْبَعُكَ نَفْسُكَ أَنْ ثَمَّ مَنْ يُنْجِيكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَإِنَّ ذَلِكَ هُوَ اللهُ تَعَالَى قَالَ تَعَالَى (ثُمَّ إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ).
قوله سبحانه :
(إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها) ولم يقل كل ما عليها فدخل فيها الحيات والعقارب ونحوها وقال ابن عباس وأبي زهرة لها كأنه يشير إلى النبات خاصة ويقال من النبات والدواب لأنه تدل على الوحدانية ألا ترى أنه أقسم بالتين والزيتون والشمس والقمر والطور والذاريات
فصل
قوله تعالى (الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ) أي من قدر على أن يجعل في الشجر الأخضر الذي هو غاية الرطوبة نارا حامية مع تضاد النار للرطوبة لا يقدر على الإعادة ثم قال (أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ) لأن من شأن القادر على الشيء أن يكون قادرا على جنس مثله