أجمعت الإمامية على تفضيل الأنبياء على الملائكة ويقولون إن الأئمة أفضل منها أيضا وإجماعهم حجة لأن المعصومين من جملتهم وتستدل على ذلك أيضا بقوله (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ) لأنه يقتضي تعظيمه عليهم وتقديمه وإكرامه وإذا كان المفضول لا يجوز تعظيمه وتقديمه على الفاضل علمنا أنه ع أفضل من الملائكة وكل من قال إن آدم أفضل من الملائكة قال إن جميع الأنبياء أفضل من جميع الملائكة والدليل على أن تعبدهم بالسجود كان للتعظيم والتقديم أنفة إبليس من السجود وتكبره عنه قوله (أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) وقوله (أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَ) ثم إن من أراد تعظيم آدم نعته بإسجاد الملائكة له.
قوله سبحانه :
(ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ) المعنى أن المنهي عن تناول الشجرة غيركما وأن النهي يختص الملائكة والخالدين دونكما وليس فيه تفضيل الملائكة.
قوله سبحانه :
(لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ) إن هذا القول متوجه إلى قوم اعتقدوا أن الملائكة أفضل من الأنبياء فأجرى الكلام على اعتقادهم كما يقول القائل لغيره لا يستنكف أبي من كذا ولا أبوك وإن كان القائل يعتقد أن أباه أفضل ثم إنه إنما أخر ذكر الملائكة عن ذكر المسيح لأن جميع الملائكة أكثر ثوابا لا محالة من المسيح منفردا وهذا لا يقتضي أن كل واحد منهم أفضل منه والخلاف في ذلك.
قوله سبحانه :
(لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ) لا يدل على أن حال الملائكة أفضل من حال النبي ع لأن الغرض في الكلام أنما هو نفي ما لم يكن عليه لا التفضيل لذلك على ما هو عليه ألا ترى أنه لما تبرأ عن علم الغيب وكون خزائن الله عنده لا يكون فيه فضل يوضح ذلك آخر الآية (وَلا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللهُ خَيْراً) وهذه منزلة حطيطة وهو على أحوال أرفع منها فما المنكر