عليهم أو أعدنا للوعظ لهم أو أمرناهم ثانيا ففسقوا فيها فحق عليهم القول ويمكن أن يتحمل لإذا في الآية جواب وهو أن يجعل الفاء في قوله (فَدَمَّرْناها تَدْمِيراً) زائدة ويجعل دمرناها جوابا لإذا كقولهم أخوك فمجده وزيدا فاضرب وعمرا فأكرمه ومنه (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ).
قوله سبحانه :
(سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ) لا يقتضي أكثر من أنه يستدرج من كذب بآياته ولم يذكر ما يستدرجه إليه وأصله من الدروج وهو الهلاك ويقال من دب ودرج وسينه لا يمكن إجراؤها عن السؤال في أوصافه قال ابن عباس إنهم كلما أحدثوا خطيئة جدد لهم نعمة وإنما يستدرجهم إلى الضرر والعقاب الذي استحقوه بما تقدم من كفرهم ولله تعالى أن يعاقب المستحق بما شاء أي وقت شاء فكأنه تعالى لما كفروا وبدلوا نعمه وعاندوا رسله لم يغير نعمه في الدنيا بل أملهم إلى وقت أراد ولو جاز أن يستدرجهم إلى الكفر ثم يعذبهم عليه لجاز أن يعذبهم ابتداء ولو جاز أن يأمرهم بالفسق لكانوا بفعله مطيعين ففسقوا فيها دال على أنه إنما أمرهم بالطاعة فصاروا بمفارقة أمره فاسقين ولو كان أمرهم بالفسق ففعلوا ذلك لكانوا بذلك مطيعين والإرادة لإهلاك قوم قد يكون حسنا إذا كانوا مستحقين وقد بين أنه لا يهلك أحدا إلا بالاستحقاق قوله (وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى وَما كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرى)
فصل
قوله تعالى (فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ) ـ ابن عباس وقتادة في الكلام تقديم وتأخير فلا يعجبك يا محمد ولا يعجب المؤمنين معك أموال هؤلاء الكفار والمنافقين ولا أولادهم في الحياة الدنيا إنما يريد الله ليعذبهم بها في الآخرة عقوبة لهم على منعهم حقوقها ومثله (فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ ما ذا يَرْجِعُونَ) المعنى فألقه إليهم فانظر ما ذا يرجعون ثم تول عنهم ومعنى التعذيب بالأموال والأولاد في الدنيا ما هو جعله للمؤمنين من قتالهم وغنيمة أموالهم وسبي أولادهم وفي ذلك إيلام لهم وقد أخبر الله تعالى نبيه ع أنه يرزق الكفار الأولاد والأموال لا لكرامة لهم بل للمصلحة