قوله سبحانه :
(وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً) يريد الله ألا يجعل لهم حظا في الآخرة الإرادة لا تتعلق بألا يكون الشيء وإنما تتعلق بما يصح حدوثه قال ابن إسحاق يريد الله أن يحبط أعمالهم بما استحقوه من المعاصي والكبائر وقال غيره إن الله يريد أن يحكم بحرمان ثواب الذين عوضوا بتكليفهم وهو لائق بمذهبنا لأن الإحباط باطل.
قوله سبحانه :
(وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ ما تَرَكَ عَلَيْها مِنْ دَابَّةٍ وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) يعني أنه تعالى لو يؤاخذ الكفار والعصاة بذنوبهم ويعاجلهم بعقوباتهم لما ترك على الأرض أحدا من الظالمين وإنما يؤخرهم تفضلا منه ليتوبوا ولما في ذلك من المصلحة لباقي المكلفين ليعتبروا بهم والوجه في تعميمهم بالإهلاك مع أن فيهم مؤمنين أن الإهلاك وإن عمهم فهو عقاب الظالم دون المؤمن لأن المؤمن يعوض عليه على أن ذلك يكون خاصة والتقدير ما ترك عليها من دابة من أهل الظلم ثم إنه لو هلك الآباء بكفرهم لم يؤاخذ الأبناء.
قوله سبحانه :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا) إلى قوله (فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها) قال ابن عباس المعنى عبد الله بن سلام وغيره فلما أسلموا دوفع عنهم وقال أبي وكعب الطمس إن ترد عن بصائر الهدى وتحول الوجوه إلى الأقفاء ويكون المعنى أن يحول بالمعصية وتسمى بالضلال وقال الحسن ومجاهد والضحاك والسدي نطمسها عن الهدى فنردها على أدبارها في ضلالتها ذما لها بأنها لا تنصلح أبدا وإن كانوا في الضلالة في الحال فتوعدهم بأنهم متى لم يؤمنوا بالنبي ع ازدادوا بذلك ضلالا إلى ضلالتهم وإما أن يسألهم أن يؤمنوا من بعد وهو المروي عن أبي جعفر ع ويقال يكون ذلك في القيامة تقلب وجوههم إلى أدبارهم