أمر الله تعالى أن يحكم على المستطيع بصيام شهرين متتابعين وإنما يلزمه ذلك بعد العجز عن العتق والصوم فثبت أن الاستطاعة قبل الفعل.
قوله سبحانه :
(سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ صابِراً) لا يدل على أن القدرة مع الفعل لأنه أخبر أنه سيكون صابرا.
قوله سبحانه :
(خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ) قال أبو علي أي القدرة التي خلقتها فيكم وفي ذلك دلالة على أن القدرة قبل الفعل.
قوله سبحانه :
(وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ) يدل على أن القدرة قبل الفعل ألا ترى أنه أخبر بأنه قوي عليه ولم يجئ بعد بالعرش وقال بخاري لمحمد بن سويد أتقول إن الاستطاعة قبل الفعل وما من عامي إلا ويعلم خلاف قولك فقال بل يعلم خلاف قولك فانظر فدعا بحمال فقال إن هذا يزعم أنك لا تستطيع حمل هذا الكوز فشتم الحمال لمن يقول هذا ـ الوزير الآبي :
ما كلف الإنسان ما لم يطق |
|
هل كلف الأخرس المنطق |
أو كلف الأعمى انتقاد الدر |
|
أو الأصم سمع صوت الذر |
قوله سبحانه :
(وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ) وهذا أقبح من تكليف ما لا يطاق الجواب ظاهر الآية إن كان أمرا يقتضي التعلق بشرط هو كونهم صادقين عالمين بأنهم إذا أخبروا عن ذلك صدقوا فكأنه قال خبروا بذلك إن علمتموه ومتى رجعوا إلى أنفسهم فلم يعلموا فلا تكليف عليهم وقيل أنبئوني وإن كان ظاهره ظاهر أمر على الحقيقة بل المراد به على التقرير والتنبيه على مكان الحجة وإن الله تعالى لما قال للملائكة (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) إلى قوله (وَنُقَدِّسُ لَكَ) قال لهم (إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ) أي أطلع على مصالحكم ثم أراد التنبيه على أنه لا يمتنع أن يكون غير الملائكة مع أنها تسبح و