قوله سبحانه :
(فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ) لم يرد نصب الأدلة على الحق لأنه تعالى سوى في ذلك بين الكافر والمؤمن كما قال (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى) وإنما أراد من لطفه تعالى له بما علم أنه يؤمن فسمى ذلك اللطف هداية وقيل فمنهم من هدى الله إلى الجنة بإيمانه ومنهم من حقت عليه الضلالة قال الحسن لأنهم ضلوا عن طرق الحق وكفروا بالله وقال أبو الهذيل حقت عليه الضلالة عن طريق الجنة بما ارتكبوا من الكفر والضلالة والمراد بالضلالة هاهنا العدول عن الجنة وقد سمى الله العقاب ضلالا في قوله (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ).
قوله سبحانه :
(إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى) قال قتادة إن علينا لبيان الطاعة من المعصية وفيه دلالة على وجوب هدى المكلفين إلى الدين وإنه لا يجوز صرفهم عنده.
قوله سبحانه :
(وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى) التقدير تنزيل الشيء على مقدار غيره فالله تعالى خلق الخلق وقدرهم على ما اقتضته الحكمة فهدى معناه أرشدهم إلى طريق الرشد من الغي وهكذا كل حيوان إلى ما فيه منفعته ومضرته حتى إنه هدى الطفل إلى ثدي أمه وميزه من غيره وأعطى الفرخ الهداية حتى طلب الزق من أبويه والعصفور على صغره يطلب مثل ذلك بهداية الله تعالى له.
قوله سبحانه :
(وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا) أي نرشدهم السبيل الموصل إلى الثواب وقيل لنوفقنهم لازدياد الطاعات فيزداد ثوابهم وقيل معناه لنرشدهم إلى الجنة.