القدرة هو التمكين وَاتَّصَلَ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع أَنَّ قَوْماً مِنْ
أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ ص خَاضُوا فِي التَّعْدِيلِ وَالتَّجْوِيرِ فَقَالَ
أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللهَ لَمَّا خَلَقَ خَلْقَهُ أَرَادَ أَنْ يَكُونُوا
كَذَلِكَ إِلَّا بِأَنْ يُعَرِّفَهُمْ مَا لَهُمْ وَمَا عَلَيْهِمْ وَالتَّعْرِيفُ
لَا يَكُونُ إِلَّا بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْأَمْرُ وَالنَّهْيُ لَا
يَجْتَمِعَانِ إِلَّا بِالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ وَالْوَعْدُ لَا يَكُونُ إِلَّا
بِالتَّرْغِيبِ وَالْوَعِيدُ لَا يَكُونُ إِلَّا بِضِدِّ ذَلِكَ ثُمَّ خَلَقَهُمْ
فِي دَارِهِ وَأَرَاهُمْ طَرَفاً مِنَ اللَّذَّاتِ الْخَالِصَةِ الَّتِي لَا
يَشُوبُهَا أَلَمٌ أَلَا وَهِيَ الْجَنَّةُ وَأَرَاهُمْ طَرَفاً مِنَ الْمَكَارِهِ
الَّتِي لَا يَشُوبُهَا لَذَّةٌ أَلَا وَهِيَ النَّارُ فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ
تَرَوْنَ نَعِيمَ الدُّنْيَا مَخْلُوطاً بِمِحَنِهَا وَسُرُورَهَا مَمْزُوجاً
بِكَدِرِهَا وَغُمُومِهَا. وسمع الجاحظ هذا الحديث فقال هو جماع الكلام الذي دونه
الناس في كتبهم وتحاورهم بينهم ثم سمع أبو علي الجبائي فقال صدق الجاحظ هذا ما لا
يحتمله الزيادة والنقصان العوني :
كيفوا من خلق الكيف فبئس الواصفونا |
|
ثم قالوا جبر الخلق على ما يفعلونا |
فهم بالخير والشر معا مستمعونا |
|
فعلى ما ذا يثابون وعما يسألونا |
لم هذا بعذاب يوعد المستهزءينا |
|
أيجور الله في الحكم وأنتم تعدلونا |
|
جل رب الناس عن ذاك وذل المجبرونا
فصل
قوله تعالى (ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ) وما فيه تفاوت من الكفر والمعاصي ليس من خلق الله لأنه نفى نفيا عاما أن يكون فيما خلقه تفاوت وقال تعالى (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ) والكفر ليس بحسن ولا فعل متقن وقال تعالى (الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ) أي أوجد فيه وجها من وجوه الحكمة عريا من سائر القبائح وقال تعالى (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِ) قال الحسن والبلخي والجبائي والزجاج والطبري معناه خلقهما للحق لا للباطل وقال تعالى (وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً) يدل على بطلان قول المجبرة إن كل باطل وسفه وما يخالف الحكمة من فعل الله تعالى عن ذلك ثم قال (ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا) ووجدنا من الأفعال ما هو ظلم وعبث وفاعل الظلم ظالم وفاعل الفساد مفسد وفاعل العبث عابث ووجدنا أيضا في الأفعال ما هو طاعة وخضوع وفاعل الطاعة مطيع وفاعل الخضوع خاضع ولا يجوز أن يكون الله تعالى مطيعا ولا خاضعا وتعلق الصاحب بتفاحة على شجرة وأخذ نصفها