أظهر الإيمان فقط.
قوله سبحانه :
(وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) قال ابن عباس ومجاهد وقتادة وما يؤمن أكثرهم بالله في إقراره بأنه الخالق إلا وهو مشرك بعبادة الأوثان تقديره أنهم ما يصدقون بعبادة الله إلا وهم يشركون الأوثان معه في العبادة وقال الرماني لا تنافي بين أن يؤمنوا بالله من وجه ويكفروا به من وجه آخر كما قال (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ) وأنكره البلخي وقال إنما هو في المنافقين يؤمنون في الظاهر ويشركون في الباطن والمعنى الصحيح أنه لا يؤمن أكثرهم إلا وأشرك في توحيده وعدله
فصل
قد استدلت المعتزلة على أن الطاعات من الإيمان بآيات منها قوله تعالى (وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) ولفظة ذلك عبارة عن الواحد فكيف يكون عبارة عن جميع ما تقدم ثم إن لفظة ذلك كناية عن التذكير والعبادات التي تقدم ذكرها إنما يشار إليها بلفظه تلك وينبغي أن يكون عدة الشهور في قوله (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً) من الدين.
ومنها قوله سبحانه : (بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ) لا يدل على بطلان حكم الإيمان وارتفاع التسمية به وقد قال تعالى (وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ) ومعلوم أن التفرقة لما حدثت بعد البينة لم تبطل حكم البينة بل كانت ثابتة على ما كانت عليه وإنما أراد تعالى بعد مجيء البينة ثم إن هذا الاستدلال مبني على القول بالعموم ونحن نخالف فيه وإذا جاز أن يكون لفظ الفسوق مخصوصا جاز أن يحمل على حكم الفسوق.
ومنها قوله سبحانه : (وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ) أراد به التصديق الذي لا يعرف القوم في الإيمان سواه والقرآن غير ناطق بأن الإيمان المراد به الصلاة ولا معول في مثل ذلك على أخبار آحاد.