قوله سبحانه :
(أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ) (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) معنى ذلك أنه لو صح إلهان أو آلهة لصح بينهما التمانع فكان يؤدي ذلك إذا أراد أحدهما فعلا وأراد الآخر ضده إما أن يقع مرادهما فيؤدي إلى اجتماع الضدين أو لا يقع مرادهما فينتقض كونهما قادرين أو يقع مراد أحدهما فيؤدي إلى كون الآخر غير قادر وكل ذلك فاسد.
قوله سبحانه :
(قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) سَأَلَ أَبُو هَاشِمٍ الْجَعْفَرِيُّ أَبَا جَعْفَرٍ الثَّانِيَ ع عَنْ مَعْنَى الْأَحَدِ قَالَ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ أَمَا سَمِعْتَهُ يَقُولُ (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ) ثُمَّ يَقُولُونَ بَعْدَ ذَلِكَ لَهُ شَرِيكٌ وَصَاحِبَةٌ. أَبُو الطُّفَيْلِ الْكِنَانِيُ سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ ص عَنْ أَدْنَى التَّوْحِيدِ فَقَالَ ع إِنَّ اللهَ لَا يُشْبِهُ شَيْئاً وَلَا يُشْبِهُهُ شَيْءٌ وَكُلُّ مَا وَقَعَ فِي الْوَهْمِ فَهُوَ بِخِلَافِهِ.ابْنُ مَسْعُودٍ سَأَلْتُهُ عَنِ التَّوْحِيدِ فَقَالَ ع التَّوْحِيدُ ظَاهِرُهُ فِي بَاطِنِهِ وَبَاطِنُهُ فِي ظَاهِرِهِ فَظَاهِرُهُ مَوْصُوفٌ لَا يُرَى وَبَاطِنُهُ مَوْجُودٌ لَا يَخْفَى لَا تَخْلُو مِنْهُ مَكَانٌ وَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ ظَاهِرٌ غَيْرُ مَحْدُودٍ وَبَاطِنٌ غَيْرُ مَفْقُودٍ. وسُئِلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع عَنْهُ فَقَالَ التَّوْحِيدُ أَنْ لَا تَتَوَهَّمَهُ وَالْعَدْلُ أَنْ لَا تَتَّهِمَهُ. وسُئِلَ الصَّادِقُ ع عَنْهُ فَقَالَ هُوَ أَنْ لَا تُجَوِّزَ عَلَى رَبِّكَ مَا جَازَ عَلَيْكَ وَالْعَدْلُ أَنْ لَا تَنْسِبَ إِلَى خَالِقِكَ مَا لَامَكَ عَلَيْهِ. وسُئِلَ الصَّادِقُ ع عَنْهُ فَقَالَ كُلُّ مَا أَحَاطَ بِهِ وَهْمُكَ وَجَذَبَهُ تَفَكُّرُكَ أَوْ أَصَبْتَهُ بِالْحَوَاسِّ فَاللهُ جَلَّ جَلَالُهُ بِخِلَافِ ذَلِكَ.
فصل
قوله تعالى (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ) قولهم إن الله واحد ثلاثة أشياء مناقضة لأن الواحد ما لا بعض له وثلاثة ما له بعض فكأنهم قالوا لا بعض له وله بعض وينزل منزلة قول القائل في الشيء الواحد إنه موجود معدوم قديم محدث وكل ما سوى الله فهو غير واحد لأنه إما أن يكون بالصفة والتركيب كالعدد والجمع أو بالصفة والصورة كالجوهر والعرض أو بالتولد كالأصل والفرع أو بالمكان كالعرض