ولا يذهب عليك ان هذا الاختلاف جار بين أصحابنا أيضا ولكن الأكثر منهم على انه طلاق لدلالة الأخبار الكثيرة عليه وحينئذ فتحتسب من الطلقات الثلاث ، ولو خالعها ثلاثا احتاجت الى المحلل ونحو ذلك من الاحكام.
وقال الشيخ : الأولى انه فسخ لا طلاق محتجا بأنها فرقة عريت عن صريح الطلاق ونيته فكانت فسخا كسائر الفسوخ وفيه نظر إذ لا استبعاد في عرائه عن صريح الطلاق وكونه في حكمه كما دلّت عليه الأخبار هذا كلّه على تقدير القول بوقوعه مجردا عن لفظ الطلاق كما ذهب إليه الأكثر ودلّت عليه بعض الأخبار المعتبرة الاسناد (١) ولو اعتبرنا في صحة وقوعه اتباعه بالطلاق فلا كلام في عده طلاقا.
(تِلْكَ حُدُودُ اللهِ) إشارة الى ما حد من الأحكام السابقة كالعدة والرجعة والطلاق والخلع وأحكامها اي أوامر الله ونواهيه.
(فَلا تَعْتَدُوها) فلا تجاوزوها وتعملوا بخلافها (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ) ويتجاوزها بالمخالفة (فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) لظلمهم أنفسهم بتعريضها لعقاب الله في الآخرة بل في الدّنيا أيضا بالحبس والتعزير والحدود إذا كان ممّا يوجبها.
وهنا آية أخرى قد تدلّ على حكم الخلع في الجملة وهي قوله تعالى :
(وَلا تَعْضُلُوهُنَّ) تمنعوهن بعض حقوقهنّ اللازمة بالزّوجية (لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ) من المهور وهو خطاب للأزواج فقد قيل : انّ الرّجل منهم كان يكره زوجته ويريد مفارقتها فيسيء العشرة معها ويشقّ الأمر عليها حتّى تفتدي منه بمالها وتختلع فنهوا عن ذلك.
(إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) بالفتح على قراءة بعض اي بيّنها الله أو الشهود الأربعة ، وبالكسر على قراءة آخرين اي ظاهرة متبيّنة ، قيل : هي الزّنا ، وقيل : ما يوجب الحدّ مطلقا ، وقيل : كلّ معصية حتّى النّشوز وشكاسة الخلق.
والمشهور انّه استثناء من أخذ الأموال والمراد انّه لا يحلّ له ان يحبسها
__________________
(١) انظر الباب ٣ من أبواب الخلع من الوسائل فيه ما يدل على لزوم الاتباع بالطلاق وما يدل على عدم اللزوم ومحل البحث الكتب الفقهية.